قوله: (ذلك الكتاب(( ذلك(اسم إشارة في موضع رفع مبتدأ ،وخبره ( الكتاب (.
وقيل: (الكتاب (بدل من ذلك ،وقيل: صفته ،وخبر الإشارة (لا ريب فيه (يعني لاشك فيه فهو لوضوحه وسطوع برهانه لا يحتمل أيما ارتياب وأن ما يتجلى في القرآن من ظواهر في الإعجاز ينطق في يقين مكشوف أن هذا الكتاب منزل من عند الله فهو يعلو على الشبهات والظنون .
قوله: (هدى للمتقين (الهدى مصدر ومعناه الدلالة ،ويراد به الدلالة التي توصل إلى البغية ،وهو في مقابل الضلالة وهي الزلل والضياع ،والمتقون هم الذين ثبتت لهم التقوى ،والمتقي في اللغة اسم فاعل من قولهم وقاه فاتقى ،والوقاية فرط الصيانة .
وكذا التوقي ،ومنه فرس واق أي يقي راكبه مما يؤذيه ،والتقوى في عرف الشرع اسم لمن يقي نفسه مما يضره في الآخرة ،وهي في الحقيقة والواقع إحساس ذاتي رهيف ينبثق عن عقيدة التوحيد الخالص ليرسخ في القلب الوجدان كله ،لا جرم أن ذلك إحساس وجداني غامر يفيض على النفس فينمي فيها شعور الخوف من الله بما يظل للمؤمن رقيبا يحول بينه وبين الآثام والمعاصي ،أو الدنايا والخسائس وصغائر الذنوب .
والقرآن بما حواه من روائع ومناهج في العقيدة والقيم ،وفي الفكر والسلوك والنظم ،فإنه هداية للبشرية كافة ،وقد خص الله المتقين تشريفا لهم وإجلالا .
إن هذا الكتاب الحكيم يتضمن مقاليد الخير والسعادة والصلاح جميعا ،وفيه من أسباب النجاة و والسلامة والفوز ما تنجو به البشرية من كل ألوان التعثر والخطيئة والزلل وما يجعلها على أقوم محجة لتفوز وتنجو في هذه الدنيا ويوم يقوم الإشهاد .