قوله: ( ثم ليقضوا تفثهم ) التفث في المناسك ،ما كان في نحو قص الأظفار والشارب وحلق الرأس والعانة ورمي الجمار وأشباه ذلك{[3103]} وقيل في معنى التفث عدة أقوال: منها: أن التفث حلق الشعر ولبس الثياب وما أتبع ذلك مما يُحل به المحرم .وهو قول مالك .
ومنها: أنه مناسك الحجر .رواه ابن عمر وابن عباس .
ومنها: حلق الرأس .وهو قول قتادة .
ومنها: رمي الجمار .وهو قول مجاهد .
ومنها: إزالة قشف الإحرام من تقليم أظفار ،وأخذ شعر ،وغسل ،واستعمال طيب .وقال به الحسن البصري .
قال صاحب الكشاف: قضاء التفث: قص الشارب والأظفار ونتف الإبط ،والاستحداد ،والتفث الوسخ .فالمراد قضاء إزالة التفث .
قوله: ( وليوفوا نذورهم ) النذر ،كل ما لزم الإنسان أو التزمه .والمراد به هنا: ما نذر الإنسان من شيء يكون في الحج .وقيل: كل نذر إلى أجل .وقال صاحب الكشاف: مواجب حجهم أو ما عسى ينذرونه من أعمال البر في حجهم .والمقصود: أنهم أمروا بوفاء النذر مطلقا إلا ما كان معصية لقوله عليه الصلاة والسلام:"لا وفاء لنذر في معصية الله "وقوله ( ص ):"من نذر أن يطيع الله فليطعه ،ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه ".
قوله: ( وليطوفوا بالبيت العتيق ) المراد به عند جمهور العلماء طواف الإفاضة ،وهو طواف الزيارة .وهو ركن الحج من غير خلاف .وبه يتم الحج وهو نهاية أركانه .وهكذا صنع رسول الله ( ص )؛فإنه لما رجع إلى منى يوم النحر بدأ برمي الجمرة فرماها بسبع حصيات . ثم نحر هديه وحلق رأسه ،ثم أفاض فطاف بالبيت .
وقيل: المراد به طواف الصدر وهو طواف الوداع .والصواب الأول .وهو طواف الإفاضة ؛لأن الأمر في الآية على الوجوب حتى تقوم دلالة الندب .
أما طواف الوداع وكذا القدوم فليس بواجب .
وأما العتيق ،فمعناه القديم .سمي بذلك ؛لأنه أول بيت وضع للناس .
وقيل: لأن الله أعتقه من تسلّط الجبابرة .فكم من جبار سار إليه ليصيب به منه شرا أو خرابا فمنعه الله أو قصمه قصما .وقد روى الترمذي عن عبد الله بن الزبير قال: قال رسول الله ( ص ):"إنما سمي البيت العتيق ؛لأنه لم يظهر عليه جبار "{[3104]}