وقوله:( ثم ليقضوا تفثهم ):قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس:هو وضع [ الإحرام] من حلق الرأس ولبس الثياب وقص الأظفار ، ونحو ذلك . وهكذا روى عطاء ومجاهد ، عنه . وكذا قال عكرمة ، ومحمد بن كعب القرظي .
وقال عكرمة ، عن ابن عباس:( ثم ليقضوا تفثهم ) قال:التفث:المناسك .
وقوله:( وليوفوا نذورهم ) ، قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس:يعني:نحر ما نذر من أمر البدن .
وقال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد:( وليوفوا نذورهم ):نذر الحج والهدي وما نذر الإنسان من شيء يكون في الحج .
وقال إبراهيم بن ميسرة ، عن مجاهد:( وليوفوا نذورهم ) قال:الذبائح .
وقال ليث بن أبي سليم ، عن مجاهد:( وليوفوا نذورهم ) كل نذر إلى أجل .
وقال عكرمة:( وليوفوا نذورهم ) ، قال:[ حجهم .
وكذا روى الإمام ابن أبي حاتم:حدثنا أبي ، حدثنا ابن أبي عمر ، حدثنا سفيان في قوله:( وليوفوا نذورهم ) قال:] نذر الحج ، فكل من دخل الحج فعليه من العمل فيه:الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة ، وعرفة ، والمزدلفة ، ورمي الجمار ، على ما أمروا به . وروي عن مالك نحو هذا .
وقوله:( وليطوفوا بالبيت العتيق ):قال مجاهد:يعني:الطواف الواجب يوم النحر .
وقال ابن أبي حاتم:حدثنا أبي ، حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا حماد ، عن أبي حمزة قال:قال لي ابن عباس:أتقرأ سورة الحج؟ يقول الله:( وليطوفوا بالبيت العتيق ) ، فإن آخر المناسك الطواف بالبيت .
قلت:وهكذا صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنه لما رجع إلى منى يوم النحر بدأ يرمي الجمرة ، فرماها بسبع حصيات ، ثم نحر هديه ، وحلق رأسه ، ثم أفاض فطاف بالبيت . وفي الصحيح عن ابن عباس أنه قال:أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت الطواف ، إلا أنه خفف عن المرأة الحائض .
وقوله:( بالبيت العتيق ):فيه مستدل لمن ذهب إلى أنه يجب الطواف من وراء الحجر; لأنه من أصل البيت الذي بناه إبراهيم ، وإن كانت قريش قد أخرجوه من البيت ، حين قصرت بهم النفقة; ولهذا طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم من وراء الحجر ، وأخبر أن الحجر من البيت ، ولم يستلم الركنين الشاميين; لأنهما لم يتمما على قواعد إبراهيم العتيقة; ولهذا قال ابن أبي حاتم:
حدثنا أبي ، حدثنا ابن أبي عمر العدني ، حدثنا سفيان ، عن هشام بن حجر ، عن رجل ، عن ابن عباس قال:لما نزلت هذه الآية:( وليطوفوا بالبيت العتيق ) ، طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم من ورائه .
وقال قتادة ، عن الحسن البصري في قوله:( وليطوفوا بالبيت العتيق ) [ قال]:لأنه أول بيت وضع للناس . وكذا قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم .
وعن عكرمة أنه قال:إنما سمي البيت العتيق; لأنه أعتق يوم الغرق زمان نوح .
وقال خصيف:إنما سمي البيت العتيق; لأنه لم يظهر عليه جبار قط .
وقال ابن أبي نجيح وليث عن مجاهد:أعتق من الجبابرة أن يسلطوا عليه . وكذا قال قتادة .
وقال حماد بن سلمة ، عن حميد ، عن الحسن بن مسلم ، عن مجاهد:لأنه لم يرده أحد بسوء إلا هلك .
وقال عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن ابن الزبير قال:إنما سمي البيت العتيق; لأن الله أعتقه من الجبابرة .
وقال الترمذي:حدثنا محمد بن إسماعيل وغير واحد ، حدثنا عبد الله بن صالح ، أخبرني الليث ، عن عبد الرحمن بن خالد ، عن ابن شهاب ، عن محمد بن عروة ، عن عبد الله بن الزبير قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنما سمي البيت العتيق; لأنه لم يظهر عليه جبار ".
وكذا رواه ابن جرير ، عن محمد بن سهل النجاري ، عن عبد الله بن صالح ، به . وقال:إن كان صحيحا وقال الترمذي:هذا حديث حسن غريب ، ثم رواه من وجه آخر عن الزهري ، مرسلا .