يقول تعالى:هذا الذي أمرنا به من الطاعات في أداء المناسك ، وما لفاعلها من الثواب الجزيل .
( ومن يعظم حرمات الله ) أي:ومن يجتنب معاصيه ومحارمه ويكون ارتكابها عظيما في نفسه ، ( فهو خير له عند ربه ) أي:فله على ذلك خير كثير وثواب جزيل ، فكما على فعل الطاعات ثواب جزيل وأجر كبير ، وكذلك على ترك المحرمات و [ اجتناب] المحظورات .
قال ابن جريج:قال مجاهد في قوله:( ذلك ومن يعظم حرمات الله ) قال:الحرمة:مكة والحج والعمرة ، وما نهى الله عنه من معاصيه كلها . وكذا قال ابن زيد .
وقوله:( وأحلت لكم الأنعام إلا ما يتلى عليكم ) أي:أحللنا لكم جميع الأنعام ، وما جعل الله من بحيرة ، ولا سائبة ، ولا وصيلة ، ولا حام .
وقوله:( إلا ما يتلى عليكم ) أي:من تحريم ( الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع [ إلا ما ذكيتم] ) الآية [ المائدة:3] ، قال ذلك ابن جرير ، وحكاه عن قتادة .
وقوله:( فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور ):"من "هاهنا لبيان الجنس ، أي:اجتنبوا الرجس الذي هو الأوثان . وقرن الشرك بالله بقول الزور ، كقوله:( قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ) [ الأعراف:33] ، ومنه شهادة الزور . وفي الصحيحين عن أبي بكرة قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ "قلنا:بلى ، يا رسول الله . قال:"الإشراك بالله وعقوق الوالدين - وكان متكئا فجلس ، فقال:- ألا وقول الزور ، ألا وشهادة الزور ". فما زال يكررها ، حتى قلنا:ليته سكت .
وقال الإمام أحمد:حدثنا مروان بن معاوية الفزاري ، أنبأنا سفيان بن زياد ، عن فاتك بن فضالة ، عن أيمن بن خريم قال:قام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا فقال:"يا أيها الناس ، عدلت شهادة الزور إشراكا بالله "ثلاثا ، ثم قرأ:( فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور )
وهكذا رواه الترمذي ، عن أحمد بن منيع ، عن مروان بن معاوية ، به ثم قال:"غريب ، إنما نعرفه من حديث سفيان بن زياد . وقد اختلف عنه في رواية هذا الحديث ، ولا نعرف لأيمن بن خريم سماعا من النبي صلى الله عليه وسلم ".
وقال الإمام أحمد أيضا:حدثنا محمد بن عبيد ، حدثنا سفيان العصفري ، عن أبيه ، عن حبيب بن النعمان الأسدي ، عن خريم بن فاتك الأسدي قال:صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح ، فلما انصرف قام قائما فقال:"عدلت شهادة الزور الإشراك بالله عز وجل "، ثم تلا هذه الآية:( فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور)