قوله تعالى: ( وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا ) .
وليخش: اللام للأمر .والمقصود في الآية موضع خلاف العلماء .فقد قيل: هم الأوصياء ،فإن الله يعظهم أن افعلوا باليتامى من الخير والنصح والرعاية ما تحبون أن يفعل بأولادكم من بعدكم .وقيل في رأي ثان: المراد جميع الناس فقد أمروا بأن يتقوا الله في اليتامى فيحسنوا معهم المعاملة ويسددوا لهم القول مثلما يريدون أن يُفعل بأولادهم من بعدهم .
وفي قول ثالث لجمع كبير من المفسّرين وهو الراجح ،أن الرجل يحضره الموت فيقول له من يحضره عند وصيته: إن الله سيرزق ولدك فانظر لنفسك وأوص بمالك كله أو معظمه في سبيل الله ،فيأتي على ماله أو غالبه مما يوقع ضررا فادحا بورثته فنهاهم الله عن ذلك .وعلى ذلك فالنهي والتحذير هنا متعلقان بمن يحضر الوصية إذا حضرت الوفاة المورث .فكأن الآية تقول لهم: مثلما تخشون على ورثتكم وأهليكم وذريتكم من بعدكم فكذلك خافوا على ورثة غيركم وذريتهم ولا تحملوا الموصي الموروث على التبذير في العطاء والوصية ليدع من بعده أهله عالة فقراء يتكففون الناس .
قال ابن عباس في ذلك: إذا حضر الرجل الوصية فلا ينبغي أن يقول:أوص بمالك فإن الله تعالى رازق ولدك ولكن يقول قدّم لنفسك واترك لولدك ،فذلك قوله تعالى: ( فليتقوا الله ) .
قوله: ( وليقولوا قولا سديدا ) القول السديد هو الكلام العدل أو الصواب من القول والفعل{[700]} ،والمعنى أن الله سبحانه يدعو الحاضرين للوصية أن يأمروا المريض وهو المورث الموصي بأن يوصي من ماله بالقدر المناسب الذي لا يلحق ضررا بورثته .