قوله تعالى:{واعلموا أنما أمولاكم وأولادكم فتنة وأن الله عنده أجر عظيم} الفتنة هي المحنة والاختبار والإثم والعذاب .والمراد أن سبب الوقوع في ذلك كله ما ذكر في الآية من الأموال والأولاد .وقد قيل: هذا في أبي لبابة ؛لأن أمواله وأولاده كانوا في بني قريظة ،فقال ما قاله لهم خوفا على أمواله وأولاده ،فكانوا سببا في وقوعه في الفتنة وهي الإثم والعذاب أو البلاء والمحنة .وقيل: الآية تعم كل من يفتنون بالأموال والأولاد من الناس ،وقد روي عن السيدة عائشة ( رضي الله عنها ) أن النبي صلى الله عليه وسلم أي بصبي فقبله وقال: ( أما إنهم مبخلة مجبنة ،وإنهم لمن ريحان الله عز وجل ) .
وفي الآية تحذير بالغ من الله بعباده من فتنة المال والولد ؛فإن هذين الصنفين يأتيان في الأوج من زهرة هذه الدنيا .وهما تهواهما الطبائع وتمي إليهما النفوس ميلا عظيما ؛فهما رأس الافتتان ،وأول ما تفتر أمامهما الهمم والعزائم تتضاءل إزاءهما الإرادات والطاقات .بل إنهما طريق الغواية التي تؤز الأعصاب وتستهوي القلوب فتجنح للاستزادة من المال وإيثار الولد على غيره .
إن في الآية هذه تحذيرا ينتبه به المؤمن الحريص كيلا يضل أو يزل أو يفتتن فيبوء بالسقوط في زمرة الخاسرين والهالكين .وللمرء في استعصامه واستمساكه دون السقوط في الفتنة عرض من الله كبير .
وشتان شتان ما بين فتنة الدنيا من مال وولد ،وعطاء الله الكريم الذي جعله الله عوضا لمؤمنين المخبتين الصابرين على البلاء والمحن ،الناجين من حبائل{[1650]} الشيطان والفتن .وهو قوله سبحانه:{وأن الله عنده اجر عظيم}{[1651]} .