{وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ} من هذه الأصنام وأمثالها ،ممّا لا تمثّل شيئاً من حياة في ذاتها ،فكيف يمكن أن تعطي القوّة والحيويّة والنفع لحركة الناس في الحياة .{وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّهِ} لقربهم من الله ،بسبب ما يحملون من أسرارٍ خفيّةٍ متصلةٍ بالجانب الغيبي في علاقتهم بالله الذي يحبهم ويحب من يحبهم ويتقرب إليهم ،كما أنهم يمثلون الواسطة بينهم وبين الله ،فإذا رضوا عن شخصٍ ما لعبادته لهم ،أمكنهم أن يقرِّبوه إلى الله من خلال ذلك .وبذلك كانت عبادتهم لهم وسيلةً للحصول على رضا الله في نهاية المطاف .ولكن الله يرد عليهم بالطريقة التي تنفي المسألة من الأساس ،فإذا كان لهؤلاء هذه المنزلة ،فلا بد من أن يحيط الله بعلمها ،لا سيّما أنه هو الذي أعطاهم هذا الموقع .ولكن الله يعلم ذلك ،لا لأنّ هناك نقصاً في ما يعلمهتعالى الله عن ذلكبل لأنه لا وجود له .
إحاطة الله بأمور الكون
{قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَوَاتِ وَلاَ فِي الأرضِ} وهذا هو الأسلوب الذي يعبّر به القرآن عن نفي الشريك بنفي علم الله به ،باعتبار أن الله محيط بكل شيء ،فإذا لم يعلم شيئاً ،فمعناه أنه ليس موجوداً بالذات ،{سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} به من أصنامٍ وأشخاصٍ وموجوداتٍ ،لأنه لا شيء هناك من هذه الأشياء أو غيرها إلا وهو مخلوق له ،فكيف يمكن أن يرقى إلى مستوى الشريك .