الله الرحيم العادل
{وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} لأن العذاب لا يمثل حالة عقدة ،كما هو الحال لدى الناس الذين يحكمون فيتحركونفي حكمهممن موقع العقدة الذاتية التي تتلذّذ بعذاب الآخرين وترتاح بظهور الألم في حياتهم ،وتشعر بالعظمة أمام مشاريع هلاكهم ،ولكن الله غنيّ عن ذلك كله ،فهو الخالق والرازق والمنعم ،الذي يملك القوّة كلها ،وهو الرحيم بعباده ،وهو الحكيم الذي لا يتصرف إلاّ وفق الحكمة في الثواب والعقاب فلا يعاقب إلا على أساس ما يمثله العقاب من مصلحةٍ للإنسان ،وسلامةٍ للحياة ،وذلك في الحالات التي يستسلم فيها الناس للتمرد والعصيان والطغيان والانحراف ،والإفساد لحياة الناس ،فإن العقاب يمثل حالةً رادعةً ،ومعاملة للمسيء بما يستحق من عذاب ،بينما يمثل الثواب تكريم المحسن بما يستحق من نعيم وإلا كان المحسن والمسيء بمنزلة سواء .أما إذا كان الناس مصلحين في فكرهم وعملهم ،فإن الله لا يمكن أن يعاقبهم لأنهم لم يرتكبوا ذنباً يُعاقبون عليه ،بل عملوا عملاً يثابون عليه ،فيكون العقاب في هذه الحال ظلماً ،تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً .