{يُهْرَعُونَ}: يسرعون .
{رَّشِيدٌ}: الرشيد: العاقل .
استخدام كل الوسائل لمواجهة الانحراف
{وَجَآءهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ} ويندفعون نحوه بسرعة ،فقد شاهدوا هؤلاء الضيوف وتنادوا للحصول على هذه الوليمة الشهّية ،بطريقة عدوانيّة تتوسل الهجوم على بيت لوط ،حتى إذا لم يستطيعوا الحصول عليهم بالحسنى ،عمدوا إلى استخدام أسلوب القوّة ،ووسيلة العنف ،{وَمِن قَبْلُ كَانُواْ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ}في ما كانوا يقترفونه من معاص ومنكرات ،ويقومون به من أنواع الفحشاء ،فهم معتادون على ذلك ،ولا يجدون حرجاً في الإعلان عن رغباتهم الشريرة ومقاصدهم الفاحشة ،ولهذا جاءوا بمثل هذا الأسلوب الهجوميّ ،ولم يخجلوا من الإعلان للوط عن رغبتهم في ممارسة الفحشاء مع ضيوفه .
وحاول لوط صدّهم بكل ما لديه من وسائل الصدّ ،وردعهم عن هؤلاء الضيوف بما يملك من إمكانات الردع ،حتى انتهى إلى العرض الأخير ،وهو أن يعرض بناته عليهم:{قَالَ يا قَوْمِ هَؤُلاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ} ،ولعل من البديهيّ أنه لا يعرضهنّ عليهم للزنى ،لأنه لا يمكن أن يردع عن فحشاء بفحشاء ،بل الظاهر أن عرضه كان على أساس الزواج بقرينة قوله:{هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ} لأن الطهارة لا تتم إلا بهذه الوسيلة ،{فَاتَّقُواْ اللَّهَ} في ما تقدمون عليه من عصيان أمره بارتكاب الفاحشة ،والاعتداء على الناس ،{وَلاَ تُخزُونِ فِي ضَيْفِي} لأن اعتداءكم على ضيوفي يجلب لي الخزي والعار بين الناس ،لأنني لم أستطع حفظهم من العدوان عليهم بارتكاب الفاحشة معهم ،مما يفرض عليكم معرفة ظروفي والمحافظة على كرامتي وموقعي ،فإذا لم تعترفوا لي بموقع النبوّة ،فلا بد على الأقلّ أن تعترفوا بأني رجلٌ منكم تتصل كرامتي بكرامتكم ،فما يصيبني من الخزي والعار سيصيبكم .
ولكن يبدو أن كل هذه الأساليب لم تنفع معهم ،فأطلق الصيحة اليائسة الأخيرة:{أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ} عاقلٌ ،يفكّر بطريقة متّزنة ويدير الأمر على أساس العدل والحكمة ؟!ولكن أحداً لم يستجب لعرضه الذي رفضوه بسرعة ،