/م77
المفردات:
يهرعون إليه: يسرعون إليه .
ولا تخزون: لا تفضحوني من الخزي ،أولا تخجلوني .
رجل رشيد: ذو رشد وعقل يهتدي إلى الحق ويرعوى عن القبيح .
التفسير:
78{وَجَاءهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ ...} الآية .
علم قوم لوط بوجود أضياف في بيته ،وربما كانت زوجته هي التي أخبرتهم ،فأسرعوا يتدافعون جميعا ،كأنما يسوقهم سائق ،وهم في شدة الفرح والتعطش ؛لقضاء الشهوة مع هؤلاء الرجال .
{وَمِن قَبْلُ كَانُواْ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ} .
أي: كان شأنهم ارتكاب الفاحشة مع الرجال علنا ،وقطع الطريق ،والاستيلاء على أموال عابر السبيل ؛بدون رحمة أو رأفة ،كما حكى الله عنهم:{أئنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل وتأتون في ناديكم المنكر} .( العنكبوت: 29 ) .
فهم قوم تعودوا على إتيان هذا الشذوذ في جماعتهم وناديهم ،وكان لوط عليه السلام ينصحهم ،ويحذرهم من هذا الشذوذ ،كما قال لهم في آية أخرى:{أتأتون الذكران من العالمين * وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون} .( الشعراء: 165 ،166 ) .
{قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ} .
تقرب لوط إلى قومه ،وقال لهم: يا قوم ،النساء أطهر لكم من الرجال ،وأنا أنصحكم بقضاء هذه الشهوة مع بنات أمتي من الزوجات ،والصالحات للزواج ،فكل نبي في أمته بمنزلة الولد .
وكان مما يتلى في القرآن:{النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم} .( الأحزاب: 6 ) .
وقيل: المراد: تزوجوا بناتي هن أطهر لكم من الرجال ؛أي: عرض عليهم الزواج ببناته من صلبه ،ليصرفهم عن اللواط بضيوفه .
وعلماء التفسير يرجحون أن المراد: تزوجوا بنات أمتي ،أي: النساء جملة ؛لأن نبي القوم أب لهم ؛قال مجاهد: لم يكن بناته ولكن كن من أمته ،وكل نبي أبو أمته ،وقال سعيد بن جبير: يعني: نساؤهم هن بناته ؛وهو أب لهم ،وقد رجح الإمام فخر الدين الرازي رأي الجمهور واستدل على ذلك بما يأتي:
1أنه قال:{قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ} .وبناته اللائي من صلبه لا تكفي للجمع العظيم ؛أما نساء أمته ففيهن كفاية الكل .
2أنه صحت الرواية أنه كان له بنتان ،وهما: زنتا وزعورا .وإطلاق لفظ البنات على البنتين لا يجوز ؛لما ثبت أن أقل الجمع ثلاثة .
{فَاتَّقُواْ اللّهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي} .أي: راقبوا الله في ترك هذه الفاحشة السيئة التي لم يسبقكم إليها أحد من العالمين ؛بل أنتم اخترعتموها واستمررتم عليها .
{ولا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي} .لا تفضحوني في ضيوفي وتذلوني لعدم قدرتي على الدفاع عن ضيوفي ،وإن إهانتهم إهانة لي ،ويطلق لفظ الضيف على المفرد والمثنى والجمع ،وقد يثني فيقال: ضيفان ويجمع فيقال: أضياف وضيوف .
{أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ} .فيه رشد وحكمة وعقل وخير ،يقبل ما آمر به ،وينهاكم عن المنكر ويهديكم إلى الطريق الأقوم .