{الْمِحَالِ}: الكيد ،والمكر الحق ،وشديد المحال شديد القدرة والعذاب ،وقيل شديد القوة والعذاب .
{وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ} والتسبيح تعبيرٌ عن الإحساس بالعظمة وتنزيهه عن كل نقص .وبذلك أمكن لكل شيءٍ أن يسبّح بحمده بمختلف الوسائل ،سواء كان بالكلمة ،أو بالصورة ،أو بمظهر العظمة ،أو بروعة الإبداع ،أو بسرّ المعنى الكبير الكامن فيه .إنه الفرق بين الكلمة التي تسبح بمدلولها ومعناها ،وبين الوجود الذي يسبِّح بحضور الحقيقة فيه ..وهكذا يجد الإنسان في كل شيء تجسيداً لتسبيح الله ،والثناء عليه ،بما يدل عليه من معاني العظمة والتنزيه له .
{وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ} بما يتمثلونه من خشية الله وإحساسٍ بعظمته ،فيسبحونه إعلاناً للطاعة ،وابتعاداً عن المعصية ،ورغبةً في ثوابه ،وخوفاً من عقابه .إنه الخوف الذي يحرّك الإحساس بالمسؤولية في وعي المخلوق ،انطلاقاً من الإحساس الواعي بالعظمة ،وليس الخوف الذي يسحق الذات ويسقط إحساسها بالحياة ،{وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يشاءُ} ويصرفها عمن يشاء ،وهذا المعنى يوحي به جوّ الآية ،ولعل الاقتصار على فقرة التخويف بإرسال الصواعق ،سببه أنّ السياق هو سياق التخويف والترهيب .
{وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ} بين من يشك فيه وبين من يشرك به ،من دون حجةٍ يستندون إليها ،ولا برهان يعتمدون عليه .وبذلك يخبطون خبط عشواء في جدالهم ،منطلقين من استبعادات لا أساس لها ،أو موروثاتٍ لا حجة عليها .ولو انفتحوا على آيات الله في الكون ،وتأملوا في مظاهر عظمته ومواقع نعمته ،لما جادلوا بالباطل ،بل لكانوا انطلقوا في طريق الحق بكل قوّةٍ وانفتاح ،ولأدركوا كيف ينبغي لهم أن يخافوا الله ويحذروا عقابه ،فلا يستهينوا بتوحيده .{وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ} أي شديد القوّة والقدرة ،فلا يعجزه هؤلاء الذين يجحدونه أو ينكرون توحيده ،أو يتمرّدون عليه ،فسيأخذهم بالعذاب أخذ عزيز مقتدر .