أحوال الظالمين يوم القيامة
ويعود الحديث إلى يوم القيامة في حديث الحساب والجزاء الذي ينتظر هؤلاء الناس اللاّهين العابثين بالمسؤوليات ،الغافلين عن مستقبل أعمالهم ،وعن موقفهم بين يدي الله .
الله لا يغفل عن عمل الظالمين
{وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ} كما يبدو من إهمال أمرهم ،والصبر عليهم ،والإملاء لهم ،وتركهم لأنفسهم في ما يعملون من أعمال ،وما يمارسونه من جرائم ،فإن ذلك لا يعني أن الله لم يطلع عليهم داخل حياتهم ،أو أنه راضٍ عنهم ،ولكن حكمته اقتضت قيام نظام الحياة على الإرادة والاختيار ،ليكون الإنسان مسؤولاً ،وليواجه نتائج مسؤوليته يوم القيامة ،لأن اليوم عملٌ ولا حساب ،وغداً حسابٌ ولا عمل .
أما المراد بالظالمين ،فإن الظاهر من السياق أنهم الذين ظلموا أنفسهم بالكفر أو بالمعصية ،أو الذين ظلموا الناس بغياً وعدواناً .وعلى كل حالٍ ،فإن المعنى الأول يوحي بالمعنى الثاني ،لأن استعمال كلمة الظلم في التعبير عن الكفر أو المعصية ،يوحي بأن الظلم مرفوض عند الله ،بالمستوى الذي يرفض فيه الله الكفر ،من موقع كونه ظلماً .وهكذا نجد أن الله لا يغفل عن الظالمين ،لمجرد أنه لا يعاقبهم في الدنيا{إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصار} في حالة تطلّع مذهولٍ ،يجعلها مفتوحةً متصلبة أمام الأهوال المخيفة التي تواجههم في ذلك اليوم