{إِن تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ} ،فإن ذلك ليس ملك يديك ،لأن الهداية ليست نتيجةً للكلمة التي تلقيها ،وللعمل الذي تقوم به في هذا الاتجاه ،بل هي ،إلى جانب ذلك ،نتيجة لحالة من يتلقاها الداخلية ،وللاتجاه الذي يتبناه إرادياً حيال أسباب الهداية ،كما أن الله لم يجعل لك سلطة في تحريك إرادة الإنسان باتجاه معين ،بل ترك للأسباب أن تحدد نتائجها الطبيعية في الحياة ..وهكذا لا تكون المسألة مسألة حرصكيا محمدعلى هداهم{فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي مَن يُضِلُّ} لأنّه لا يغير سنته في الكون في ما يجعله من أسباب للهداية والضلال .وسيلاقون جزاء أعمالهم ،ولن يستطيعوا الخلاص من ذلك مهما حاولوا ذلك وتوسلوا إليه من وسائل .{وَمَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ} ينصرونهم من دون الله .وبهذا نعرف أن إضلال الله لهم لا يعني إجبارهم على ذلك ،بل كل ما يعنيه هو أن الله خلق للضلال أسباباً ،وجعل للناس الاختيار في الأخذ بها ،فصحت نسبتها إليه من خلال علاقته بخلق السبب ،وعلاقة المسبّب به ،والله العالم .