{وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَّا يَشْتَهُونَ} كان العرب يفضلون الذكور على الإناث ،ولا يرون للبنت قيمةً من الناحية الاقتصادية والاجتماعية ،بل ينظرون إليها كمتاع ،ينتقل بالإرث إلى الولد الأكبر ،ولكن ما يميزها عن المتاع أنها قد تجلب العار إلى العشيرة عندما تتعرض للسبي ،أو للاغتصاب ،وما إلى ذلك .ومما يلفت النظر ،أنهم كانوا ينسبون الإناث إلى الله ،فيقولون عن الملائكة: إنهم بنات الله{وَجَعَلُواْ الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثاً} [ الزخرف:19] ،كما جعلوا بينه وبين الجنّ نسباً ،كما في بعض الآيات .وهكذا نسبوا الإناث إلى الله ،الذي جلّ عن أن يكون له ولدٌ ،ذكراً كان أو أنثى .ولكن السؤال الذي يطرح نفسه عليهم ،من خلال ما نستوحيه من جوّ الآية هو ،لماذا هذا التصنيف لما يعتبرونه ولداً لله ،وجعله في دائرة الإناث اللاتي لا يمثلن قيمة بالنسبة إليهم ،ولا يرضون لأنفسهم أن يكون أولادهم منهن ،لذا كانوا يقومون بوأدهن عند إنجابهن ،هل هي استهانة بمقام الله ؟أو هو تقديرٌ خاطىء منهم ،نتيجة الفهم السيىء لطبيعة الملائكة أو الجن ،وعلاقتهم بالله ؟
وليست الآيةكما توحي بهفي معرض التنديد بهم ؛لأن البنات لا يمثّلن قيمة لدى الله ،بل هو تنديد بهم ؛لأنهم ينسبون إليه الولد ،ثم يجعلونه أنثى ،في الوقت الذي لا مجال لنسبة الولد إلى الله بالأساس ،ففي ذلك إساءةٌ إلى مقام الله سبحانه ،من جهة مبدأ النسب ،ومن ناحية التطبيق في مفهومهم المنحرف حول الملائكة .