{قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُواْ} ليكون الاتجاه إبقاء المسألة على إجمالها ،لأن معرفتها لا تعني شيئاً للناس في ما تستهدفه القصة ،ولكن الظاهر من الآية الأولى هو الجزم الذي يوحي بأن العدد يقيني ،وبذلك تكون الآية الثانية تأكيداً للموضوع ،في مقابل الأرقام الأخرى التي ربما كانوا قد ذكروها ،باعتبار أن الله أعلم بأحوالهم من الآخرين ،لأنه المهيمن على الزمن كله وعلى كل أمورهم ،فهو يعلم منهم ما لا يعلمه الآخرون ،{غَيْبُ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ} فهو خالق الغيب والمسيطر عليه والمحيط به ،فلا يملك أحدٌ علمه إلا من خلال ما يريد الله له أن يعلمه .
{أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ}وهما من صيغ التعجُّبتوحيان بدقّة السمع والبصر وكمالهما ،بالمستوى الذي لا يدانيه أيّ سمعٍ وبصرٍ ،وهو كنايةٌ عن إحاطته الكاملة بالأشياء ،في ما يمثله السمع والبصر من وسيلة المعرفة ،فإن الله يعلم حالهم حتى في أدقّ الأشياء خفاءً ،ويسمع مقالهم حتى في أشد الكلمات همساً .{مَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ} فليس لغيره الولاية عليهم ،بل الولاية له وحده ،فكل ما في الكون محتاجٌ إلى ولايته وخاضعٌ له ،لأنه الخالق للحياة كلها وللإنسان كله ،وهو الذي يمدُّها ويمده بقابلية الاستمرار من خلال ما يفيض عليها وعليه من نعمه التي هي الشرط الأساسي للبقاء .{وَلاَ يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا} فهو الحاكم المستقل بحكمه ،فلا يشرك غيره فيه ،لأنه لا يحتاج إلى أحد ،فهو المطلع على كل خفايا الأشياء والمهيمن عليها ..فلا حاجة إلى مشورةٍ أو معونةٍ من أحد ،كما يحتاج الحاكم إلى ذلك نتيجة محدودية علمه وقدرته .وهذا تأكيدٌ للإحاطة الكاملة لعلمهسبحانه وتعالىالذي يجعل ما يخبر به حقيقةً كاملةً لا ريب فيها ولا شك ،ولا غموض ولا إبهام .