وقوله:( قل الله أعلم بما لبثوا ) أي:إذا سئلت عن لبثهم وليس عندك [ علم] في ذلك وتوقيف من الله عز وجل فلا تتقدم فيه بشيء ، بل قل في مثل هذا:( الله أعلم بما لبثوا له غيب السماوات والأرض ) أي:لا يعلم ذلك إلا هو أو من أطلعه الله عليه من خلقه ، وهذا الذي قلناه ، عليه غير واحد من علماء التفسير كمجاهد ، وغير واحد من السلف والخلف .
وقال قتادة في قوله:( ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا ) هذا قول أهل الكتاب ، وقد رده الله تعالى بقوله:( قل الله أعلم بما لبثوا ) قال:وفي قراءة عبد الله:"وقالوا:ولبثوا "، يعني أنه قاله الناس
وهكذا قال - كما قال قتادة - مطرف بن عبد الله .
وفي هذا الذي زعمه قتادة نظر ، فإن الذي بأيدي أهل الكتاب أنهم لبثوا ثلاثمائة سنة من غير تسع ، يعنون بالشمسية ، ولو كان الله قد حكى قولهم لما قال:( وازدادوا تسعا ) وظاهر من الآية إنما هو إخبار من الله ، لا حكاية عنهم . وهذا اختيار ابن جرير ، رحمه الله . ورواية قتادة قراءة ابن مسعود منقطعة ، ثم هي شاذة بالنسبة إلى قراءة الجمهور فلا يحتج بها ، والله أعلم .
وقوله:( أبصر به وأسمع ) أي:إنه لبصير بهم سميع لهم .
قال ابن جرير:وذلك في معنى المبالغة في المدح ، كأنه قيل:ما أبصره وأسمعه ، وتأويل الكلام:ما أبصر الله لكل موجود ، وأسمعه لكل مسموع ، لا يخفى عليه من ذلك شيء .
ثم روي عن قتادة في قوله:( أبصر به وأسمع ) فلا أحد أبصر من الله ولا أسمع .
وقال ابن زيد:( أبصر به وأسمع ) يرى أعمالهم ، ويسمع ذلك منهم ، سميعا بصيرا .
وقوله:( ما لهم من دونه من ولي ولا يشرك في حكمه أحدا ) أي:أنه تعالى هو الذي له الخلق والأمر ، الذي لا معقب لحكمه ، وليس له وزير ولا نصير ولا شريك ولا مشير ، تعالى وتقدس .