{قَائِمَةً}: كائنة .
{وَمَآ أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَة} فلا مسؤولية خارج نطاق الحياة .وإذا كانت المسألةكما يقولونتحمل بعض الجدية ،فإن مركزي يخوّلني الحصول على موقع مميز ،تكون الآخرة فيه هي صورة الدنيا التي أتقلّب فيها على فراش النعيم ،وأتحرك فيها في مواقع المجد .{وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْهَا مُنْقَلَباً} لأن الآخرة تمثل المستوى الأعلى للنعيم الذي يمنحه الله للإنسان بدلاً من نعيم الدنيا .
وهكذا كانت صورة هذا الإنسان الذي يستريح للواقع الحاضر ،فلا يفكر في مفاجآت المستقبل ،ولا يتعمّق في العناصر التي تحكم هذا الواقع وتحدد دوره وحجمه وامتداده .أما صاحبه المؤمن الفقير ،فتتجسّد لنا صورته الوديعة القوية في موقفه الساخر من ذلك كله ،فهو لا يعتبر الثراء قيمةً كبيرةً ترتفع بصاحبه في حساب القيم ،ولا يرى فيه ضمانةً قويّةً للمستقبل تبعث على الاطمئنان به والاستسلام له ،لأن كل شيء في الدنيا معرّضٌ للزوال بين لحظة وأخرى ،بينما الله هو الثابت الوحيد ،منه نأخذ القوة ،لأنه مصدر القوة في الوجود وفي معطياته ،وهو أساس الثقة بالمستقبل ،كما كان أساس الثقة بالماضي .
ونراه يقففي حواره مع صاحبهفي موقع الإنسان الرساليّ الذي يستنكر على هذا الغني المزهوّ بغناه ،كفره باليوم الآخر ونسيانه لله ،ويبدأ في تذكيره بنعم الله عليه ،وحاجته إليه في كل شيء ،ليبقى مشدوداً إليه في حال الإحساس بالقوّة ،كما يشعر بالارتباط به في حال الإحساس بالضعف ،لأن القوّة به ،يهبها لمن يشاء ،ويسلبها ممن يشاء .