] فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللّه كَذِكْرِكُمْ ءَابَآئكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا[ يُقال: إنَّ النّاس كانوا إذا قضوا مناسك حجهم ،جلسوا يسمرون ،ويمتد بهم الأمر إلى أن يثيروا أحاديث آبائهم ،فيتذكروا مواقفهم وأوضاعهم وأمجادهم ...وبذلك ينفصلون عن الجوّ الروحي الذي كانوا يعيشونه من خلال الحج ،ولكن اللّه يريد منهم أن لا يجعلوا الحج مجرّد موسم أو مناسبة يذكرون فيها اسم اللّه ،ثُمَّ تقف القضية عند هذا الحدّ فلا يبقى للّه أي حضور في نفوسهم أو ألسنتهم ،بل يكون دوره أن يفتح قلوبهم على اللّه في امتدادٍ روحي مستمرٍ ،لا ينتهي إلاَّ ليبدأ من جديد ،حتى يصبح ذكر اللّهبعد الحجملحاً بالمستوى الذي لا يدانيه ذكر أي إنسان آخر حتى في مستوى الآباء .
ونقففي هذا المجالعلى نموذجين من النّاس ؛أحدهما: الذي يصدق عليه قوله تعالى:] فَمِنَ النّاس مَن يَقُولُ رَبَّنَآ آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآَخِرَةِ مِنْ خلاقٍ[ النموذج الذي إذا ذكر اللّه وأراد أن يدعوه في موقفه هذا ،لم يذكر إلاَّ حياته الدنيا ،وشهواته فيها ،ومطامعه ومطامحه ...من دون أن يفكر في الآخرة من قريب أو من بعيد .فهو يطلب من اللّه أن يؤتيه الدنيا ويقف عندها جامد الإحساس ،جائع الأحلام ،ظامىء المشاعر ...ولا نصيب لهذا في الآخرة ،لأنها ليست واردة في حسابه على كلّ حال ،ولذلك فإنَّ اللّه لا يحسب حسابه في ثوابه ورضوانه .