{وَما أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} الذين آمن بهم هؤلاء{إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الاَْسْوَاقِ} كما تأكلأنتالطعام ،وتمشيمع الناسفي الأسواق ،فلست أول الأنبياء الذين يتصفون بالبشرية ،ويتحركون على طريقة البشر في حياتهم المادية والروحية ،فلماذا يتطلبون فيك ما لم يتطلبوه في غيرك ؟!ولماذا يستغربون بشريتك ،أو يتطلبون الملائكة معك ،أو ما شابه ذلك ؟!
{وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً} حيث تمثل بشرية النبي امتحاناً للناس في إيمانهم عندما يأتيهم النبي بشراً عادياً كبقية الناس ،لا يحمل في ذاته أيّة خصوصيةٍ تميزه عنهم ،فيدعوهم إلى عبادة الله الواحد الأحد ،ويبلغهم وحيه الممتد في كل جوانب الحياة ،ما يجعل من الإيمان اختباراً لحيوية الفكر وأصالته وحركته في طريق الإيمان القائم على المعرفة ،بعيداً عن كل العوامل التي تخطف بصره ،وتسلب لبّه ،وتثير شعوره{أَتَصْبِرُونَ} على التحديات الكبيرة التي تواجهكم بالأوهام التي تنحرف بكم عن خط الإيمان ،وعلى الجهد الطويل الذي يفرض عليكم الوقوف عند مواقع العمق في الفكر ،والانفتاح في الرؤية ،والامتداد في الإحساس ،وعلى المشاكل المتنوعة المعقدة التي تتحدى راحتكم وأمنكم وشهوتكم ومزاجكم في حياتكم العامة والخاصة ،مما يثيره أمامكم أعداء الله والإيمان ؟
{وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً} عارفاً بكل ما تحتاجون إليه في نظام حياتكم ،في ما تسيرون نحوه من سعادة أو شقاء ،فيدفعكم إلى ما فيه السعادة ،ويمنعكم عما يجلب لكم الشقاء .