[ إنَّ اللّه ربِّي وربُّكم فاعبدوه هذا صراطٌ مستقيمٌ] .
فإنَّ الإيمان بربوبية اللّه للنبيّ وللنّاس الآخرين يمثِّل بدايةً للتصوّر والحركة من خلال ما يعنيه الإيمان من حركة الحياة على الصراط المستقيم ،لذلك فإنَّ الدعوة إليه هي دعوة للاستقامة على المنهج الإيماني الحقّ في بداية المرحلة ونهايتها .
من وحي الآية:
وهذا ما يجب أن نستوحيه في المنهج التربوي الذي يطرحه العاملون في سبيل اللّه ،من أجل بناء الشخصية الإسلامية والقاعدة الإسلامية الواسعة الممتدة في الحياة ؛فإنَّ عليهم أن لا يقعوا في الخطأ الذي وقع فيه الكثيرون ،الذين لا يرون في الإيمان إلاَّ حالةً خاصّةً من حالات النفس الإنسانية التي لا يستوقفها ذلك كثيراً ...فلا قيمة كبيرة له خارج هذا النطاق ،بل هو الحياة كلّها في حالاتها المتنوّعة وفي مواقفها المختلفة ،فإنَّ القضية بين خيارين وبدايتين ؛فإذا كانت البداية هي الاعتراف بربوبية اللّه الواحد ،فإنَّ حركة الحياة تتجه إلى الآخرة عبر الحياة الدُّنيا ،في خطٍّ مستقيم تحكمه القيم الروحية ،وتنطلق في تصوّر متوازن لا تتعدّد فيه العبادة تبعاً لتعدّد الآلهة ،بل يتوحد فيه الإله وتتّحد فيه العبادة .وإذا كانت البداية هي إنكار الإله في وجوده وفي وحدانيته ،فإنَّ حركة الحياة تتثاقل إلى الأرض لتشدّها الأرض إلى شهواتها وغرائزها وأطماعها ،وتدخل بها في منعطفاتها الضاربة في خطوط التّيه ،وتتنوّع فيها العبادة ليعيش الإنسان فيها عبوديته لكلّ شيء من حوله ،ويفقد بذلك حريته في الموقف وفي الإرادة والحياة .