{وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَّوْجٌ كَالظُّلَلِ}والظلة سحابة تظل ،وأكثر ما يقال في ما يستوخم ويكرهفأطبق عليهم الموج كقطع السحاب الملبّد ،فلم يعودوا يرون من الأفق أيّ شيء ،ولم يجدوا أيّ مجال للنجاة ،ولا أيّ شخصٍ ممن اعتادوا الاستعانة به للخلاص ،ذكروا الله ففزعوا إليه و{دَعَوُاْ اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} بكل قلوبهم المتجهة إليه ،وكل فطرتهم المؤمنة به ،واستجاب الله دعاءهم ليضعهم أمام التجربة الإيمانية في صدق التزامهم بالسير على خط الإيمان{فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ} وهو السالك طريق القصد ،وهو الطريق المستقيم الذي يتجه إلى الله في وحدانيته في حركة العبادة في سلوكه ،وهؤلاء الذين يلتزمون هذا الخط قليلون ،أمَّا الباقون ،فهم الذين يبتعدون عن ذكر الله في ما يأخذون به من أسباب اللهو ،وفي ما يستغرقون فيه من عناصر الغفلة ،فيعبدون غير الله ،ويشركون بعبادته غيره .وتلك هي صفة الغادرين الذين يعطون العهد ثم ينقضونه ،ويلتزمون الموقف ثم يخرجون عنه .
{وَمَا يَجْحَدُ بَِايَاتِنَآ إِلاَّ كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ} والختّار هو الغادر الشديد الغدر الذي ينحرف عن التزامه الإيماني بالله ،فيكفر به وبنعمه .أمّا المؤمنون الصادقون الذين يعمق في داخلهم معنى الوفاء لله في ما تتحرك به فطرتهم في معرفته والإيمان به ،فإنهم يؤمنون بآياته التي تشرق في قلوبهم فتفتح كل حياتهم للسير في خط الاستقامة .