/م29
{وإذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين ...}
المفردات:
غشيهم : غطاهم و أحاط بهم .
كالظلل : الظلل جمع ظلة ،وهو ما يستظل به من جبل وسحاب وغيرها وقال الراغب الظلل السحابة تظل .
مقتصد : سالك للقصد السوي من التوحيد .
ختار : شديد الغدر والختر قال عمرو بن معد يكرب:
فإنك لو رأيت أبا عمير *** ملأت يديك من غذر وختر
التفسير:
تصور هذه الآية طبيعة الإنسان فهو في الشدة والكرب يلجأ إلى الله لجوء المضطر وعندما يكون في البحر وتشتد الرياح ،ويرتفع الموج ويظلل الناس من شدة ارتفاعه كأنه غمامة فوق رؤوسهم فإنهم يستولى عليهم الهلع والجزع ويخافون الموت فيخلصون في الدعاء لله تعالى أن ينجيهم من هذه الكارثة .
{فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور ...} فإذا استجاب الله الدعاء ونجاهم من البحر إلى البر ووطئت أقدامهم اليابسة وجدنا بعض الناس مستمرا على إيمانه وإخلاصه فهو مقتصد مقيم على القصد أي: الطريق السوي وهو التوحيد باق على الإخلاص الذي كان عليه في البحر عند الفزع .
كما نجد أن بعض الناس قد رجع إلى الغدر والكفر فلا يذكر لله فضلا ولا يشكر لله نعمة .
{وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور ...}
وما ينكر نعم الله وفضله إلا كل غادر شديد الغدر كفور شديد الكفر .
جاء في تفسير القرطبي:
قال ابن عباس: مقتصد موف بما عاهد عليه الله في البحر .
وقال النقاش: يعنى عدل في العهد وفي في البر بما عاهد عليه الله في البحر .
وقال الحسن: مقتصد مؤمن متمسك بالتوحيد والطاعة .
وقيل في الكلام حذف والمعنى: فمنهم مقتصد ومنهم كافر ودل على المحذوف قوله تعالى: وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور ...الختار: الغدار والختر: أسوأ الغدر .
قال عمرو بن معد يكرب:
فإنك لو رأيت أبا عمير ملأت يديك من غدر وختر
قال الجوهري: الختر الغدر يقال ختره: فهو ختار وقال عطية إنه الجاحد .
والخلاصة: أن أنعم الله متعددة ومن بين هذه النعم استجابة دعاء المضطرين ونجاة المكروبين من قلب العاصفة إلى البر والسلام والأمان وبعد النجاة نجد المؤمن الشاكر والختار الشديد الغدر والكفور الجاحد الذي يجحد آيات الله وينكرها بعد ان شاهدها بعينيه .
***