{وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً} وهو الحزمة الصغيرة من حشيش أو ريحان أو غير ذلك .وعن ابن عباس: قبضة من الشجر ،أي من عيدانها ،وذلك بأن يأخذ مجموعة من العيدان بعدد المائة ،{فَاضْرِب بِّهِ} دفعة واحدة ،{وَلاَ تَحْنَثْ} لتجزي عن يمينك من دون إيذاء لها تيسيراً لك وإنعاماً عليك .ثم يلتفت الأسلوب القرآني إلى المؤمنين وإلى النبي الذي أراد الله له أن يذكر حياة هذا العبد الصالح الصابر ليكون في ذلك عبرةٌ للعاملين الدعاة المجاهدين في سبيله ،وهذا ما يبتلي به الله عباده المؤمنين في خط حكمته ورحمته ،في ما يتمثل به صبرهم من قوّة الإيمان وصلابة الموقف .
{إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً} على البلاء ،{نِّعْمَ الْعَبْدُ} في إحساسه العميق بعبوديته لله واستسلامه له ،وانفتاحه على آفاق رحمته ،{إِنَّهُ أَوَّابٌ} فقد رجع إلى ربه في ابتهالٍ خاشع ،فلم يشك أمره إلى غيره ،بل كانت شكواه إلى الله ،ودعاؤه له أن يصرف عنه ذلك البلاء ،فاستجاب الله له ذلك .
وجاء في تفسير العياشي ،كما في مجمع البيان ،أن عبّاد المكي قال: قال لي سفيان الثوري: إني أرى لك من أبي عبد اللهجعفر الصادق( عليه السلام ) منزلةً ،فاسأله عن رجل زنى وهو مريض ،فإن أقيم عليه الحد خافوا أن يموت ما تقول فيه ،فسألته ،فقال لي: هذه المسألة من تلقاء نفسك أو أمرك بها إنسان ،فقلت: إن سفيان الثوري أمرني أن أسألك عنها ،فقال: إن رسول الله1 أتى برجل أحبى قد استسقى بطنه وبدت عروق فخذيه ،وقد زنى بامرأةٍ مريضةٍ ،فأمر رسول الله( ص ) فأتى بعرجون فيه مائة شمراخ فضربه به ضربةً ،وضربها به ضربةً وخلّى سبيلهما ،وذلك قوله:{وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِب بِّهِ وَلاَ تَحْنَثْ} »