قوله تعالى:{إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أوّاب} [ ص: 44] .
إن قلتَ: كيف وصف الله تعالى ( أيوب ) عليه السلام بالصبر ،مع أن الصبر ترك الشكوى من ألم البلوى ،وهو قد شكى بقوله:{أني مسّني الشيطان بنصب وعذاب} [ ص: 41] وقوله:{أني مسّني الضّرّ} ؟الأنبياء: 83] .
قلتُ: الشكوى إلى الله تعالى ،لا ينافي الصبر ،ولا تسمى جزعا ،لما فيها من الجهاد ،والخضوع ،والعبودية لله تعالى ،والافتقار إليه ،ويؤيّده قول يعقوب عليه السلام:{إنما أشكوا بثي وحزني إلى الله} [ يوسف: 86] مع قوله:{فصبر جميل} [ يوسف: 18] وقولهم: ( الصبر ترك الشكوى ) أي إلى العباد ،أو أنه عليه السلام ،طلب الشفاء من الله تعالى ،بعدما لم يبق منه إلا قلبه ولسانه ،خيفة على قومه أن يفتنهم الشيطان ،ويوسوس إليهم ،إنه لو كان نبيا ،لما ابتلي بما هو فيه ،ولكشف الله ضرّه إذا دعاه .