{فَإِنْ أَعْرَضُواْ} ولم يستجيبوا لنداء الله من خلال النداء الذي توجهه إليهم ،{فَمَآ أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً} فلست مسؤولاً عن ذلك بطريقةٍ ضاغطةٍ فوق العادة ،لأن دورك الرسالي هو التبليغ بكل الأساليب التي تقودهم إلى الاقتناع بالإيمان ،إذا أقبلوا على الدعوة بعقولهم وقلوبهم .
{إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ الْبَلاغُ} فهذا هو الدور الذي ينبغي للأنبياء أن يقوموا به ،فإذا أدّوه قاموا بواجبهم الطبيعيّ الذي أوكل الله إليهم أمره .
إنّ الإنسان كفور
{وَإِنَّآ إِذَآ أَذَقْنَا الإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً} في ما نرزقه من صحةٍ وبنين وقوّةٍ وغير ذلك من النعم ،فإنَّ ردّ فعله هو الاستغراق في النعمة ،والانشغال بها عن التفكير في الله المنعم الذي أغدقها عليه ،فإذا جاءته نعمة{فَرِحَ بِهَا} فرح البطر والزهو والخيلاء .{وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ} في ما يعرض عليهم من أصناف البلاء ،كالمرض والخوف والجوع والفقر ونحو ذلك ،{بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ} من الأعمال السيّئة التي تفسد البلاد والعباد ،وتؤدي إلى النتائج السلبية ،على أساس السنن الحتمية التي أودعها الله في الكون في علاقة المسبّبات بأسبابها{فَإِنَّ الإِنسَانَ كَفُورٌ} ينسى نعمة الله ،فلا يذكر فضله عليه في الماضي ،ويستغرق في إحساسه بالألم ،ويبدأ بالشكوى والتمرّد ،ويغفل عن طبيعة الصلة بين عمله والبلاء ،ليعرف أن خلاصه بيده ،وبالرجوع إلى الله ،والتراجع عن موقع الخطأ .