وقوله:( فإن أعرضوا ) يعني:المشركين ( فما أرسلناك عليهم حفيظا ) أي:لست عليهم بمصيطر . وقال تعالى:( ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء ) [ البقرة:272] ، وقال تعالى:( فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب ) [ الرعد:40] وقال هاهنا:( إن عليك إلا البلاغ ) أي:إنما كلفناك أن تبلغهم رسالة الله إليهم .
ثم قال تعالى:( وإنا إذا أذقنا الإنسان منا رحمة فرح بها ) أي:إذا أصابه رخاء ونعمة فرح بذلك ، ( وإن تصبهم ) يعني الناس ( سيئة ) أي:جدب ونقمة وبلاء وشدة ، ( فإن الإنسان كفور ) أي:يجحد ما تقدم من النعمة ولا يعرف إلا الساعة الراهنة ، فإن أصابته نعمة أشر وبطر ، وإن أصابته محنة يئس وقنط ، كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [ للنساء] يا معشر النساء ، تصدقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار "فقالت امرأة:ولم يا رسول الله ؟ قال:"لأنكن تكثرن الشكاية ، وتكفرن العشير ، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم تركت يوما قالت:ما رأيت منك خيرا قط "وهذا حال أكثر الناس إلا من هداه الله وألهمه رشده ، وكان من الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، فالمؤمن كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له ، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن ".