/م44
المفردات:
حفيظا: رقيبا أو محاسبا .
إن عليك: ما عليك .
إلا البلاغ: إلا التبليغ .
التفسير:
48-{فإن أعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظا إن عليك إلا البلاغ وإنا إذا أذقنا الإنسان منا رحمة فرح بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم فإن الإنسان كفور} .
تأتي هذه الآية تسلية ومواساة للنبي صلى الله عليه وسلم ،أي: إن أعرض أهل مكة عن دعوتك ولم يؤمنوا برسالتك فقد أدّيت واجبك ،ولست حفيظا عليهم ،ولا مسئولا عن إيمانهم ،ما عليك إلا تبليغ الدعوة إليهم ،وتركهم أحرارا يختارون ما يشاءون .
قال تعالى:{فذكر إنما أنت مذكر * لست عليهم بمصيطر} .( الغاشية: 21 ،22 ) .
وقال سبحانه:{ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء ...} ( البقرة: 272 ) .
ومن طبيعة الإنسان أنه إذا جاءت إليه النعمة فرح بها ،فهو يسعد بالنعمة كالصحة والغنى والأمن ويستبشر بها ،وإذا نزل به المرض أو الفقر أو أي مصيبة بسبب سلوكه ومعاصيه ،فإن الجزع والهلع ينزل بساحته ،وكذلك الكفر والجحود ،إلا من ألهمه الله الصواب .
قال تعالى:{إن الإنسان خلق هلوعا * إذا مسه الشر جزوعا * وإذا مسه الخير منوعا * إلا المصلين} .( المعارج: 19-22 ) .
إن ذلك بسبب عدم الإيمان ،وعدم صدق اليقين ،وعظم شأن الدنيا عند الإنسان ،فإذا جاءت النعمة فرح بها كثيرا ،وما علم أن الدنيا كلها عارية وكل ما فيها مردود ،وأن الحياة الحقيقية هي حياة الآخرة ففيها النعيم الدائم ،وإذا نزلت بساحة الإنسان المصائب بسبب سلوكه اشتد به الحزن والهلع والكفر والجحود ،بخلاف المؤمن فإنه صابر على البلاء ،شاكر لله على النعماء .
قال صلى الله عليه وسلم: ( عجبا لأمر المؤمن ،إن أمره كله خير ،إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له ،وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له ،وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن )21 .