{وَحَسِبُواْ أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ} ولقد كان هؤلاء يظنون أن الميثاق لا يُمثِّل موقفاً خاضعاً للاختبار من خلال الفتنة الّتي يختبر بها الله عباده ،{فَعَمُواْ وَصَمُّواْ} فأغلقوا أبصارهم عن رؤية الحقّ وأصمّوا أسماعهم عن سماع آياتهم ،وجاءتهم الفتنة فسقطوا في الامتحان ،وحاولوا الرجوع إلى الله من جديد ،والعودة إلى الالتزام بالميثاق ،{ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} لأنَّ الله يريد أن يفسح لعباده المجال للتراجع عن الخطأ ،والعودة إلى الصواب ،ولكنَّهم عادوا إلى ما كانوا عليه ،{ثُمَّ عَمُواْ وَصَمُّواْ} ولم تكن القضيّة تُمثِّل حالة شموليّة ،بل كانت تُمثِّل ظاهرة في كثير منهم ،{وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ} مهما كانت ألاعيبهم وأضاليلهم وحركاتهم الّتي يختبئون وراءها ،فإنَّ الله بصير بما يعمله العباد في كل حدوده وشرائعه .
وهذا هو الدرس الَّذي يجب أن يحفظه كل مؤمنٍ ،بأنَّ قضيّة الإيمان لا بُدَّ من أن تخضع للامتحان ،وفي كل المواقف الصغيرة والكبيرة ،فلا يُمكن للإنسان أن يواجه ذلك بذهنيّة الأعمى والأصمّ ،بل بروحيّة الإنسان المفتوح العين والقلب والأذن ،الَّذي يرصد كل شيء مما حوله ،لأنَّ الله بصيرٌ بكل شيء في كل مجالات العمل .