لقد تمكّن من نفوسهم أنه لن تقع لهم فتنة بما فعلوا من الفساد ،انطلاقاً من زعمهم أنهم أبناء الله وأحباؤه .لذلك لم يعودوا يبالون بآثامهم .وهكذا أصابهم العمى عن آيات الله التي أنزلها في كتبه ،وصَمُّوا عن سماع المواعظ التي جاءهم بها أولئك الرسل .وإذ ظلموا أنفسهم فقد سلّط عليهم الله من أذاقهم الخسف .
لقد غزاهم بختنصّر ،فأهلكهم واستباهم وسقاهم إلى بابل .ثم رحمهم الله وأعاد إليهم مُلكهم على يد كورش ،أحد ملوك الفرس ،فرجع عدد كبير منهم إلى القدس .لكنهم ما لبثوا أن عَمُوا وصمّوا مرة أخرى ،وعادوا إلى ظلمهم وفسادهم في الأرض ،فقتلوا زكريّا وأشعيا ،وأرادوا قتل عيسى عليه السلام ،فسلّط الله عليهم الفُرس ثم الرومان فأزالوا ملكهم .
وفي قوله تعالى:{كَثِيرٌ مِّنْهُمْ} إشارةٌ إلى أنه فيهم أناسٌ خيرون أتقياء .لكن الله سبحانه يعاقب الأمم بذنوبها إذا كثرت وشاعت فيها ،ولو كان فيهم قلة من الصالحين .لذلك يقول تعالى في آية أخرى{واتقوا فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الذين ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً} [ الأنفال: 25] .
{والله بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ}
الله مطلع عليهم مشاهدٌ لأعمالهم ،ومجازيهم عليها .
قراءات:
قرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي{أَلاَّ تَكُونَ} بالرفع والباقون بالنصب .