وشعر موسى بالحرج ،وسكن غضبه ،فرجع إلى الله يستغفره لنفسه ولأخيه ،لا لذنبٍ ارتكباه ،ولكن للجوّ الذي ابتعد فيه القوم عن الله ،من خلال الفكرة التي كانت تلح عليهما .إنها وقفة الإنسان الذي يحس بالذنب أمام الله من خلال تطلّعاته الروحيّة في تجربته ،وتجربة الناس معه ،فإذا لم يتحقّق له ذلك ،كان له مع النفس حساب كبير ،يفتش فيه عن احتمالات التقصيردونما تقصيرلمجرّد الإخلاص لله والتعبير عن محبته .{قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأَخِي} ما يمكن أن يكون منّا من تقصير في المقدّمات ،{وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَحِمِينَ} .
تساؤلات حول فكرة العصمة
وتبقى حول فكرة العصمة بعض التساؤلات ،كيف يخطىء هارون في تقدير الموقف وهو نبيّ ؟أو كيف يخطىء موسى في تقدير موقف هارون وهو النبيّ العظيم ؟وكيف يتصرف معه هذا التصرف ؟ولكننا قد لا نجد مثل هذه الأمور ضارّةً بمستوى العصمة ،لأننا لا نفهم المبدأ بالطريقة الغيبيّة التي تمنع عن الإنسان مثل هذه الأخطاء في تقدير الأمور ،بل كل ما هناك أنه لا يعصي الله في ما يعتقد أنه معصية ،أما أنه لا يتصرف تصرفاً خاطئاً يعتقد أنه صحيح مشروع ،فهذا ما لا نجد دليلاً عليه ،بل ربما نلاحظ في هذا المجال أن أسلوب القرآن في الحديث عن حياة الأنبياء ونقاط ضعفهم ،يؤكد القول بأن الرسالية لا تتنافى مع بعض نقاط الضعف البشري من حيث الخطأ في تقدير الأمور ؛والله العالم بأسرار خلقه .