{حِجَابٌ}: الحجاب: الحاجز المانع من الإدراك ،ومنه قيل للضرير: محجوب ،وحاجب الأمير وحاجب العين .
{الأعْرَافِ}: الأمكنة المرتفعة ،أخذ من عرف الفرس ،ومنه عُرْف الديك ،وكل مرتفع من الأرض عُرْف لأنّه بظهوره أعرف مما انخفض .
{بِسِيمَاهُمْ}: أي بعلاماتهم .والسِّيما العلامة ،وهي فعلى ،من: سام إبله يسومها إذا أرسلها في المرعى معلّمة ،وهي السائمة ،وقيل: إن وزنه عفلى من وسمت فقلبت ،كما قالوا: له جاهٌ في الناس وأصله وجه ...وفيه ثلاث لغات: سيما وسيماء بالقصر والمد وسيمياء على وزن كبرياء
وقد يكون في الكثير من هذا الاختلاف لونٌ من ألوان الاجتهاد الذاتي في التفسير ،وربما استند بعضهم إلى بعض الروايات الواردة عن الصحابة والأئمة من أهل البيت( ع ) ،ولكنّنا لا نجد كبير فائدةٍ في تحقيق هذا الأمر ،لأن ذلك لا يتعلق بالأجواء العامة للآيات .وربما قادنا التفسير إلى بعض اللمحات الموحية في هذا الاتجاه .{وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ} فليست الأجواء مكشوفةً تماماً بين أهل الجنة وأهل والنار ،فهناك ستارٌ يفصل بينهما ،أو سورٌ يحجز أحدهما عن الآخر .
{وَعَلَى الأعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ} أي بعلاماتهم المميزة التي تتمثل فيها أوضاعهم في خط الإيمان أو الكفر ،في ما يفكرون ويعملون ...فيستطيعونمن خلال ذلكتمييزهم ومعرفتهم ،ليتحدثوا إليهم حديث المعرفة .{وَنَادَوْاْ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَن سَلامٌ عَلَيْكُمْ} ،فتلك هي التحية التي توجّه إلى أهل الجنة ،في ما توحي به الجنة من معنى السلام الروحي ،على مستوى الأجواء النفسية الداخلية للإنسان تجاه ربه ،وتجاه كل ما حوله ومن حوله ...وعلى مستوى الأجواء العامة التي تسود آفاق الجنة على مستوى الطبيعة أو الناس ...{لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ} حاول بعض المفسرين أن يجعل الضمير في هذه الفقرة عائداً إلى أصحاب الجنة الذين كانواحين النداءخارج الجنة ،فلم يكونوا قد دخلوها بعد ولكنهم يطمعون في دخولها لما يعرفونه من تاريخهم في الدنيا في ما قدّموه أمامهم من أعمالٍ وحسناتٍ ...وفسرها الكثيرون بأنّ المقصود بهؤلاء أصحاب الأعراف ،لأنهم يتحدّثون مع أهل الجنة كفريقٍ مستقلٍّ لا يشاركهم في الصفة ،وإلا لكانوا منهم ...أما طمعهم في دخول الجنّة ،فلأنهم ليسوا بمستوى السوء الذي يمنعهم من دخولها ،لأنّهم ممن استوت حسناتهم وسيّئاتهم ،كما يقولون .