{أَحْبَارَهُمْ}: الحبر: العالم .
{وَرُهْبَانَهُمْ}: الراهب: العابد .وقد كثر استعماله على متنسكي النصارى .
{سُبْحَانَهُ}: بمعنى تنزيهه .
الأحبار والرهبان أرباب من دون الله
ويأخذ الانحراف بعداً آخر ،في علاقتهم بأحبارهم ورهبانهم ،في ما يمثلون من واقع رسميٍّ للدين ،فيستسلمون لهم بكل شيءٍ ،من دون أن يتوقفوا ليفكروا معهم في ما يدعونهم إليه أو يقودونهم نحوه .وهم يرون فيهم الأنانيّة والتعصب والانحراف والعناد ،فيخضعون لهم ،ويطيعونهم في كل أمرٍ أو نهيٍ صادرٍ منهم ،تماماً كما يفعل المربوب مع ربّه من عبادةٍ وخضوع .
{اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللَّهِ} إذ أطاعوهم الطاعة العمياء في كل شيء بعيداً عن أمر الله ونهيه ،وذلك عندما يتحوّل التقديس والتعظيم إلى استغراق في ذواتهم كما لو كانوا في مستوى الالهة .وفي هذا إيحاء بأن الله يرفض عبادة غيره من خلال التمرّد على طاعته لحساب طاعتهم ،كما يرفض التمرّد على الإيمان به بالإيمان بغيره .فهذه ربوبيّةٌ في العقيدة ،وتلك ربوبيّةٌ في الطاعة والعبادة ،وفي كلتا الحالتين يلتقي الإنسان بعبادة غير الله ،في انحراف الفكر والعمل{وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ} الذي اعتبروه التجسيد الحيّ لله في العقيدة العامّة للنصارى{وَمَآ أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهاً وَاحِداً} لا شبيه له في عظمته ولا شريك له في خلقه{لا إله إلا هو} لأن كل من عداه هو مخلوقٌ له ،فكيف يكون شريكاً له ،وهو الخالق للوجود كله ،فلا يستحق العبادة أحدٌ سواه{سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} من هذه المخلوقات الحقيرة في ذاتها ،الفقيرة في وجودها ،المحتاجة في كل شيءٍ يحيط بها ،أو يتصل بها ،وهو العظيم في ذاته ،الغنيّ في وجوده عن كل شيء .