الأحبار: واحدهم حبر بفتح الحاء وكسرها ،العلماء .
الرهبان: واحدهم راهب وهو المنقطع للعبادة .
لقد اتخذوا رجالَ دِينهم أرباباً ،يشرّعون لهم ،ويكوِّن كلامهم دينا ،ولو كان يخالف قولَ رسولهم ،فاتّبعوهم في باطِلهم ،وأضافوا إلى الشرائع ما سمِعوه من رؤسائهم وأقوال أحبارهم من قبلِ أن يدونّوه في المِشنَة والتلمود ،ثم دونوه ،فكان هو الشرعَ العام وعليه العملُ ،وهو مقدَّم عندهم على التوراة .
وانظروا النصارى باتّخاذهم المسيحَ ربّاً وإلهاً ،لقد غيرّ رؤساؤهم جميع الأحكام التي جاء بها المسيح ،وزادوا حقَّ مغفرةِ الذنوب لمن شاؤا ،والله تعالى يقول:
{وَمَن يَغْفِرُ الذنوب إِلاَّ الله} [ آل عمران: 135] وزادوا القولَ بِعصمة البابا في تفسيرِ الكتب الإلهية ،ووجوبِ طاعته في كل ما يأمر به من الطاعات ،وينهى عنه من المحرمات .
روى الإمام أحمد والترمذي وابن جرير عن عَدِيّ بن حاتم أنه فرّ إلى الشام ( وكان قد تنصَّر في الجاهلية ) فذهبت أخته بعد أن أسلمتْ ورغَبته في الإسلام والقدوم على رسول الله ،فقدم المدينة ،وكان رئيسا في قومه ،فدخل على رسول الله وهو يقرأ «اتّخَذوا أحبارَهم ورهبانَهم أرباباً من دون الله » ،قال عدي: فقلت: إنهم لم يعبُدوهم .فقال: «بلَى إنهم حَرّموا عليهم الحلالَ وأحَلّوا الحرام فاتّبعوهم ،فذلك عبادتُهم إياهم » .
وقال رسول الله: يا عديّ ما تقول ؟أيضرُّك أن يُقال اللهُ أكبر ؟فهل تعلم شيئا أكبرُ من الله ؟وما يضرك أن يقال لا إله إلا الله ،فهل تعلم إلهاً غيرالله ؟ثم دعاه إلى الإسلام ،فأسلم وشهد شهادة الحق ،قال: فلقد رأيتُ وجهه استبشر » .
{وما أمروا إِلاَّ ليعبدوا إلها وَاحِداً لاَّ إله إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} .
وقد أمَرَهم الله في كُتبه على لسان رُسله أن لا يعبدوا إلا إلهاً واحدا ،لأنه لم يستحق العبادة في حكم الشرع والعقل إلا الإله الواحد .تنزه الله عن الإشراك في العبادة والخَلْق والصفات .