{والذين آتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إليك ومن الأحزاب من ينكر بعضه قل إنما أمرت أن أعبد الله ولا أشرك به إليه أدعو وإليه مآب36} .
المفردات:
الكتاب: المراد به هنا: التوراة والإنجيل .
الأحزاب: الجماعات القوية والأقوام المتشابهون في ميولهم وعقائدهم .
مآب: مرجع ومصير .
التفسير:
36{والذين آتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إليك ومن الأحزاب من ينكر بعضه ...} .
تكلم سبحانه عن ثواب المؤمنين وعقوبة الكافرين فيما سبق ،وفي هذه الآية تحدث عن فريق ثالث وهو أهل الكتاب ،والمراد بهم: اليهود والنصارى ،الذين آمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم ،فكانوا يفرحون بنزول القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم ؛لأنهم يرونه مطابقا لما عندهم في التوراة والإنجيل .
قال تعالى:{الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به} . ( البقرة:121 ) ،وهم جماعة ممن آمن من اليهود كعبد الله بن سلام وأصحابه ،ومن النصارى وهم ثمانون رجلا من الحبشة واليمن ونجران .
{ومن الأحزاب من ينكر بعضه} .أي: الذين تحزبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ،بالعداوة والبغضاء ،وهم: المشركون ،واليهود ،والنصارى ،الذين أنكروا بعض القرآن ،وهو ما لم يوافق ما حرفوه من كتبهم وشرائعهم ؛ككعب بن الأشرف ،والسيد والعاقب: أسقفى نجران وأشياعهم .
{قل إنما أمرت أن أعبد الله ولا أشرك به} .
أي: إنما أمرت فيما أوحي إلى من القرآن: أن أعبد الله وحده ،ولا أشرك بعبادته أحدا سواه ،وهذا مالا سبيل إلى إنكاره ؛فهو أمر اتفقت عليه الشرائع والملل ،المقتدية بالرسل .
قال تعالى:{قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا} . ( آل عمران:64 ) .
وذلك ما دلت عليه دلائل الآفاق والاكتشافات العلمية ،التي ذكرت: أن هذا النظام المذهل ،في الآفاق والأفلاك والمجرات والكواكب ؛لا يمكن أن يتم إلا إذا كان في يد الله وتدبيره .
وفي كل شيء له آية*** تدل على أنه الواحد
{إليه أدعو وإليه مآب} .أي: إلى الله تعالى وحده ،أدعو جميع الناس إلى عبادته وتوحيده ،وتنزيهه عن الصاحبة والولد ؛فلذلك لا أقر ما أنتم عليه من اتخاذ اليهود عزيرا ابنا لله ،واتخاذ النصارى المسيح ابنا لله .
{وإليه مآب} .وإليه وحده مرجعي ومصيري ومصيركم للجزاء .
قال تعالى:{إن إلى ربك الرجعى} . ( العلق:8 ) .