المفردات:
سكرت: سدت ،ومنعت من الإبصار .
مسحورون: سحرنا محمد بظهور ما أبداه من الآيات .
التفسير:
-{لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون} . أي:قالوا:لفرط مكابرتهم وعنادهم ، إنما سدّت أبصارنا وخدعت بهذا الارتقاء والصعود .
{بل نحن قوم مسحورون} ، أي:سحرنا محمد وخيّل إلينا ذلك ، وما هو إلا سحر مبين . وقد سبق أن اتهم قوم فرعون سيدنا موسى بالسحر ،{وقالوا يا أيها الساحر ادع لنا ربك ..} . ( الزخرف:49 ) .
قال الفخر الرازي في تفسيره:
اعلم أن هذا الكلام هو المذكور في سورة الأنعام في قوله:{ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين}( الأنعام:7 ) .
ثم نقل الفخر الرازي عن ابن عباس أنه قال: "لو ظل المشركون يصعدون في تلك المعارج وينظرون إلى ملكوت الله تعالى ،وقدرته وسلطانه ، وإلى عبادة الملائكة ، الذين هم من خشيته مشفقون ؛ لشكّوا في تلك الرؤية ، وبقوا مصرين على كفرهم وجهلهم ، كما جحدوا سائر المعجزات ، من انشقاق القمر ، وما خص به النبي صلى الله عليه وسلم من القرآن المعجز ، الذي لا يستطيع الجن والإنس أن يأتوا بمثلهix .
ملحق بالآية
( أ ){فظلوا فيه يعرجون} .
يقال:ظل فلان نهاره يفعل كذا إذا فعله بالنهار ، ولا تقول العرب:ظل يظل إلا لكل عمل بالنهار ، كما لا يقولون بات ، يبيت إلا بالليل ، والمصدر:الظلولx .
أي:إن صعودهم لو كان في وضح النهار ، وشاهدوا ذلك عيانا مع وضوع- الرؤية ، لأنكروا وعاندوا .
{يعرجون} . يقال:عرج ، يعرج ، عروجا ، ومنه المعارج وهي المصاعد التي يصعد فيها ، ومن إعجاز القرآن ، نجد أن السماء لا تعرف الخط المستقيم ،وإنما يذكر الصعود إلى السماء بالعروج ، قال تعالى:{من الله ذي المعارج* تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة} .( المعارج:4 ، 3 ) .
وهنا قال:{فظلوا فيه يعرجون} .
وقد أيد ذلك العلم الحديث ، والقرآن غني عن هذا التأييد ، ولكنا نقول:أنّى لمحمد النبي الأمّي أن يعرف دقة هذا التعبير ، الذي يصدقه العلم بعد أكثر من ألف عام .
( ب ) معنى:{سكرت أبصارنا} .
أي:غيرت أبصارنا عما كانت عليه ، فهي لا تعطينا حقائق الأشياء كما كانت تفعل ، ومنه سكران أي:توقف عقله عن اتخاذ القرار ، سكرت الريح ،أي: توقفت عن الهبوب ، وسكّرت الباب:أغلقته .
وعبر بعض المفسرين عن هذه اللفظة بقوله:غشي على أبصارنا ، وقال بعضهم:عميت أبصارنا ، وهذا ونحوه تفسير بالمعنى لا يرتبط باللفظ ، ويقال أيضا:هؤلاء المبصرون عروج الملائكة ، أو عروج أنفسهم ، بعد قولهم:{سكرت أبصارنا} ، بل سحرنا حتى لا نعقل الأشياء كما يجب ،أي: صرف فينا السحرxi .