{ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم} .
قال الراغب: المراد بالقلب في كثير من الآيات العقل والمعرفة ا . ه ( 19 ) لقد أنكروا وجود الله ورفضوا قبول الرسالة وعموا وصموا فطبع على قلوبهم جزاء وفاقا لطبعهم المطموس العنيد ،قال تعالى:{بل طبع الله عليها بكفرهم} .( النساء: 155 ) وقال تعالى:{فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم} .( الصف: 5 ) .
وقد ذهب المعتزلة في تفسير هذه الآية مسلك التأويل وذكروا في ذلك عدة من الأقاويل .
منها أن القوم لما عرضوا عن الحق وتمكن ذلك في قلوبهم ،حتى صار كالطبيعة لهم شبه بالوصف الخلقي المجبول عليه .
ومنها أن ذلك حكاية لما كانت الكفرة يقولونه مثل:{وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه} .( فصلت: 5 )( 20 ) .
وقال ابن جرير الطبري: والحق عندي في ذلك ما صح بنظيره الخبر عن رسوا اللهصلى الله عيه وسلمأنه قال:
«إن المؤمن إذا أذنب كانت نكتة سوداء في قلبه فان تاب نزع واستعتب ( 21 ) .صقل قلبه( 22 ) وان زاد زادت حتى تعلو قلبه فذلك الران الذي قال – تعالى-{كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون} . ( المطففين14 ) » رواه الترمذي وابن ماجه وقال الترمذي حسن صحيح .( 23 )
فأخبرصلى الله عليه وسلمأن الذنوب إذ تتابعت على القلوب أغلقتها ،وإذا أغلقتها أتاها حينئذ الختم من قبل اللهتعالىوالطبع ،فلا يكون للإيمان إليها مسلك ولا للكفر عنها مخلص ( 24 ) .
وجاء في التفسير الحديث ( وننبه هنا بهذه المناسبة من أن هذا إنما هو تسجيل لواقع أمر الكفار حينما نزلت الآيات لا على سبيل التأبيد لأن معظم الذين وصفوا به قد آمنوا فيما بعد في حياة النبيصلى الله عليه وسلم،وأنه يظل قائما بالنسبة للذين كفروا وماتوا وهم كفار )( 25 ) .