/م56
57 - لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ ...الآية .
معجزين في الأرض: أي: جاعلين الله عاجزا عن إدراكهم وإهلاكهم ،وإن هربوا في الأرض جميعها .
أي: أيها الرسول ،لا تظنن الكافرين يجدون مهربا في الأرض إذا أردنا إهلاكهم ،بل نحن قادرون على أخذهم والبطش بهم متى أردنا ذلك .
وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ .ومآلهم جهنم يوم القيامة .
وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ .
أي: بئس المآل مآل الكافرين ،وبئس المهاد .
وتلك طبيعة القرآن ،فهو يتخول السامعين بالنصيحة ،ويراوح بين الأوامر والنواهي ،بالدعوة إلى طاعة الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ،وبتهديد الكافرين ،وبشارة المؤمنين ،ويتضمن ذلك دعوة للمؤمنين بأن أقيموا منهج الله ،وحققوا أوامره ،ولا عليكم بعد ذلك من كثرة أعدائكم .
( فما هم بمعجزين في الأرض ،وقوتهم الظاهرة لن تقف لكم في طريق ،أنتم أقوياء بإيمانكم ،أقوياء بنظامكم ،أقوياء بعدتكم التي تستطيعون ،وقد لا تكونون في مثل عدتهم من الناحية المادية ،ولكن القلوب المؤمنة التي تجاهد تصنع الخوارق والأعاجيب .
إن الإسلام حقيقة ضخمة لا بد أن يتملاها من يريد الوصول إلى حقيقة وعد الله في تلك الآيات ،ولا بد أن يبحث عن مصداقها في تاريخ الحياة البشرية .وهو يدرك شروطها على حقيقتها ،قبل أن يتشكك فيها أو يرتاب أو يستبطئ وقوعها في حالة من الحالات .
إنه ما من مرة سارت هذه الأمة على نهج الله ،وحكمت هذا النهج في الحياة ،وارتضته في كل أمورها ...إلا تحقق وعد الله بالاستخلاف والتمكين والأمن ،وما من مرة خالفت عن هذا النهج إلا تخلفت في ذيل القافلة ،وذلت ،وطرد أبناؤها من الهيمنة على البشرية ،واستبد بها الخوف ،وتخطفها الأعداء ،ألا وإن وعد الله قائم ،ألا وإن شرط الله معروف ،فمن شاء الوعد فليقم بالشرط ،ومن أوفى بعهده من الله )234 .