قصة الهدهد مع سليمان عليه السلام
{وتفقد الطير فقال مالي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين( 20 ) لأعذبنه عذابا شديدا أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين( 21 ) فمكث غير بعيد فقال أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبإ بنبإ يقين ( 22 ) إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم( 23 ) وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون( 24 ) ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون ( 25 ) الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم( 26 )*}
المفردات:
تفقد الطير: تعرف موجوده من مفقوده .
الهدهد: طائر معروف ،ويكنى بأبي الأخبار .
التفسير:
20-{وتفقد الطير فقال مالي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين} .
ملّك الله سليمان الريح والطير والجن ،أي: سخر له هذه المخلوقات ،ومن شأن الملك الحاذق أن يتفقد رعيته ،ويتعرف على أحوالها ،ويقال: إن سليمان عليه السلام سار في جيشه ،وأثناء الرحلة احتاج إلى الماء ،وكان الهدهد يرشده إلى الأرض التي بها ماء قريب ،والتي بها ماء بعيد ،فإذا أرشده الهدهد إلى أرض قريبة الماء ،أمر الجن أن تعمل فيها لتستخرج الماء فيشرب الجيش والدواب ،ويستفيد سائر الناس ،ولما احتاج سليمان إلى الهدهد لم يجده ،فقال:
{مالي لا أرى الهدهد ..}
هل هو موجود ولكن ستره ساتر فلا أراه ،ثم عرف أنه غير موجود ؛فقال:{أم كان من الغائبين} .وأم للإضراب ،والمعنى: بل هو من الغائبين .
قال مجاهد: قيل لابن عباس: كيف تفقد الهدهد من الطير ؟قال: نزل سليمان منزلا ولم يدر ما بعد الماء ،وكان الهدهد مهتديا إليه ،فأراد أن يسأله ،قال مجاهد: فقلت: كيف يهتدي الهدهد إلى الماء ،والصبي يضع له الحبالة فيصيده ؟فقال ابن عباس: إذا جاء القدر عمى البصر .
ونحن نقول: إدراك الهدهد لمكان الماء ،هذه فراسة بحسب تكوين الله للهدهد ،أما وقوعه حبيسا في الفخ فلأنه لا يعلم الغيب ،كالكلاب تدرك الزلازل بأسباب تحسّها داخليا ،ولكنها لا تدري أن الطعام الذي قدّمه الصياد مسموم ليقتلها به ،وبالجملة فمناهج التكوين الإلهي لخليقته عجيبة ،فسبحان الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى6 .
/خ26