/م11
15-{وقالوا إن هذا إلا سحر مبين} .
أي: ما هذا الذي يأتينا به محمد إلا ألاعيب ساحر ،وخداع أريب ماهر يريد أن يلفتنا عما كان يعبد آباؤنا ،وما هي من دلائل الحق في شيء ،فإياكم أن تُخدعوا بها وترجعوا عن دين آبائكم ،وعقائد أسلافكم .
والحقّ أن القرآن الكريم قد دخل عليهم من كل باب ،وحاكمهم إلى الحسّ ،وناقشهم في عقائدهم ،وخلَب ألبابهم ،وهزّ عقائدهم ،وبين لهم أن الأصنام لا تنفع ولا تضرُّ ولا تعقل ،ولا تستحق السجود والعبادة ،وإنما يستحق ذلك الله الخالق بديع السماوات والأرض ،والعرب – وهم أهل الفصاحة والبيان – قد أُخذوا بهذا البيان وهذه البلاغة والمناقشة الهادئة ،وتقديم الأدلة الواضحة ،فحاولوا تشويه القرآن ،وإلصاق التهم بالرسول الأمين ،فتخبَّطوا في هذه التهم ،فقالوا: محمد ساحر ،وقالوا: شاعر ،وقالوا كاهن ،وقالوا: كذّاب ،وقالوا: يقدم أساطير الأولين ،وقالوا تأتيه أضغاث أحلام بالليل فيصوغها بالنهار ،وقالوا: مُفتر ينسب الوحي إلى الله ،وهو يقدّمه من عند نفسه .
قال تعالى:{بل قالوا أضغاث أحلام بل افتراه بل هو شاعر فليأتنا بآية كما أرسل الأولون} . [ الأنبياء:5] .
والآية تعبير واضح عن تخبطهم في التّهم وعدم استقرارهم على حال ،وقد ناقشهم القرآن في أقوالهم وبيّن فسادها .