/م1
المفردات:
ما يجادل: ما يخاصم .
فلا يغررك: فلا يخدعك عيشهم سالمين .
تقلبهم في البلاد: التصرُّف والتنقل في بلاد الشام واليمن بالتجارات الرابحة ،فإن عاقبتهم النار والهلاك .
التفسير:
4-{ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا فلا يغررك تقلبهم في البلاد} .
سبب النزول:
أخرج ابن أبي حاتم ،قال: نزلت هذه الآية في الحارث بن قيس السهمي .
وتفيد آيات القرآن الكريم ،والسيرة المطهرة أن الجدال نوعان:
جدال بالحق لتبيّن آيات القرآن وتفهم معناها ،وهو نقاش محمود .
وجدال بالباطل ،مثل قولهم: إن القرآن سحر وشعر وكهانة ،وأساطير الأولين وافتراء من عند محمد ،محاولة من كفار مكة وأغنيائها لتقرر الباطل ،ودحض الحق ،وإبطال الإيمان ،بالاعتماد على الشبهات بعد وضوح الحق ،وسطوع حجة البيان القرآني ،والإعجاز لكتاب الله ،وقد كان كفار مكة يسخرون من المؤمنين ،ويحاولون تشكيك المسلمين في عقيدتهم ،ويوجّهون التهم الكاذبة إلى الإسلام والقرآن والرسول محمد صلى الله عليه وسلم .
ومعنى الآية:
ما يخاصم في دفع آيات الله وتكذيبها إلا الذين كفروا ،فلا يخدعك أيها الرسول الأمين تقلبهم في البلاد ،بين الشام واليمن في تجارة رابحة ،مع تمتعهم بالغنى والجاه والأمن والرفعة في الدنيا ،لأن ذلك إمهال لهم وليس إهمالا ،فسوف يرون الهلاك في الدنيا ،والعذاب في الآخرة .
وفي هذا المعنى يقول الله تعالى:{لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد * متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد} ( آل عمران 196 ، 197 ) .
ويقول سبحانه:{نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ} . ( لقمان: 24 ) .
وفي الحديث الشريف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته".{[615]}
ولقد كان القرآن يحاور المشركين بالحق ،فيلفت أنظارهم إلى الكون وما فيه ،ويستحضر أمامهم حقائق التاريخ ،ومشاهد القيامة ،رجاء هدايتهم ،وأحيانا يدفعهم الكبر عن قبول الحق ،وبيّن أن تكذيب المترفين وعناد المتكبرين أمر عرفته البشرية في تاريخها الطويل ،فليس تكذيب أهل مكة بدعا أو غريبا عن تكذيب الكافرين لرسلهم .