المفردات:
الآفاق: النواحي عموما من مشارق الأرض ومغاربها ،وشمالها وجنوبها .
على كل شيء شهيد: هو شاهد سبحانه ومطلع على أعمالهم ،وفي شهادته ما يغنيك عن كل شيء سواه .
التفسير:
53-{سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد} .
وعد الله تعالى أن يطلع الناس على عجائب الكون في آفاق السماء والأرض ،والشمس والقمر ،والليل والنهار ،والنبات والأشجار ،وغير ذلك من العجائب العلوية والسفلية التي اكتشفها الإنسان ،وسيستمر العلم في هذا الكشف .
{وفي أنفسهم ...}
ما في بديع صنع الله تعالى ،من خلق الإنسان وتكوينه ،واشتمال هذا المخلوق العجيب على أجهزة متعددة ،مثل: الجهاز العصبي ،والجهاز الهضمي ،والجهاز اللمفاوي .
قال القرطبي:
المراد ما في أنفسهم من لطيف الصنعة ،وبديع الحكمة ،حتى سبيل الغائط والبول ،فإن الرجل يأكل ويشرب من مكان واحد ،ويتميز ذلك من مكانين ،ومن بديع صنعة الله وحكمته في عينيه اللتين هما قطرة ماء ،ينظر بهما من الأرض إلى السماء مسيرة خمسمائة عام ،وفي أذنيه اللتين يفرق بهما بين الأصوات المختلفة ،من بديع حكمة الله تعالى فيه . اه .
وقيل: المراد بالآية ما أظهره الله على يد رسوله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام ،من النصر والفتح من غزوة بدر الكبرى إلى فتح مكة ،حيث نصر الله دينه وأيد رسوله ،ومكن للإسلام من أهل مكة أنفسهم ،وجاء نصر الله والفتح ،وسيستمر تأييد الله لهذا الدين حتى لا يبقى أهل مدر أو وبر ،أو أهل مدينة أو أهل بادية ،إلا ويسمعون عن هذا الدين وأن الله يعز به من يشاء ،ويذل به من يشاء ،فيعز المؤمنين ،ويذل الكافرين المكذبين .
{حتى يتبين لهم أنه الحق ...} .
حتى يعرفوا جليا أن هذا الكتاب منزل من عند الله حقا وصدقا ،أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم ،وتكفل الله بحفظ كتابه ،وحفظ رسوله ،وحفظ دينه ،والله تعالى مطلع وشاهد ،يرى من رسوله تبليغ الدعوة ،ومن الكفار الجحود والكنود .
{أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد} .
أي: أيها الرسول حسبك الله ،وكافيك أنه سبحانه لا تخفى عليه خافية ،فهو لا يغيب عنه شيء في الأرض ولا في السماء ،وفي الآية توبيخ لهؤلاء الكافرين على تأخر إيمانهم ،أي: ألم يغن هؤلاء الجاحدين عن الآيات الموعودة الدالة على صحة هذا الدين ،أن ربك أيها الرسول الكريم شهيد على كل شيء ،وعلى أنك صادق فيما تبلغ عنه ؟بلى إن في شهادة ربك ،وعلمه بكل شيء ما يغني عن كل شيء سواه .
قال تعالى:{لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا} .( النساء: 166 ) .