/م20
المفردات:
أولئك: المفسدون .
لعنهم الله: طردهم الله من رحمته .
فأصمهم: عن سماع الحق .
التفسير:
23-{أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم} .
هؤلاء المفسدون في الأرض ،القاطعون للرحم ،هم الذين لعنهم الله فطردهم من رحمته ،وجعلهم حيارى لا يهتدون إلى طريق الإيمان ،ولا يوفقون إلى هداية الرحمان ،فآذانهم صماء لا تسمع الهدى لأنهم تصامموا فأصمهم الله ،وتعاموا عن النظر في آفاق الكون ،وفي الأدلة الساطعة على وجود الله وعظمته ،فأعمى الله أبصارهم وبصائرهم ،وأظلم قلوبهم فصارت قاسية لا تلين لذكر الله ،ولا تستجيب لدعوة الهدى .
من تفسير ابن كثير:
أورد الحافظ ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية طائفة من الأحاديث والآثار في الحث على صلة الرحم ،وفضل صلة الرحم ،وعقوبة قطيعة الرحم ،وهي في جملتها تهيب بالمسلم أن يعمل الآتي:
1- الحرص على صلة الرحم ،ورعاية الأقارب ،والسؤال عنهم ،وزيارتهم والعطف عليهم .
2- مقابلة الإساءة بالإحسان ،حتى لا تقطع الأرحام ولا يعم الجفاء بين الأقارب .
روى البخاري ،عن أبي هريرة رضي الله عنه ،عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( خلق الله تعالى الخلق ،فلما فرغ منه قامت الرحم ،فأخذت بحقوى الرحمان عز وجل ،فقال: مه ،فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة ،فقال تعالى: ألا ترضين أن أصل من وصلك ،وأقطع من قطعك ؟قالت: بلى ،قال: فذاك لك ) .قال أبو هريرة رضي الله عنه: اقرأوا إن شئتم:{فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم} .
وروى الإمام أحمد ،عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما من ذنب أحرى أن يعجل الله تعالى عقوبته في الدنيا ،مع ما يدخر صاحبه في الآخرة ،من البغي وقطيعة الرحم ) .
وعن عمرو بن شعيب ،عن أبيه ،عن جده قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ،إن لي ذوي أرحام ،أصل ويقطعون ،وأعفو ويظلمون ،وأحسن ويسيئون ،أفأكافئهم ؟قال صلى الله عليه وسلم: ( لا ،إذن تتركون جميعا ،ولكن جد بالفضل وصلهم ،فإنه لن يزال معك ظهير من الله عز وجل ما كنت على ذلك ) .أخرجه أحمد .
وروى الإمام أحمد ،والبخاري ،عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الرحم معلقة بالعرش ،وليس الواصل بالمكافئ ،ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها ) .
وفي الحديث القدسي: ( قال الله عز وجل: أنا الرحمان ،خلقت الرحم وشققت لها اسما من اسمي ،فمن يصلها أصله ،ومن يقطعها أقطعه فأبتُّه ) ،أخرجه أحمد .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الأرواح جنود مجندة ،فما تعارف منها ائتلف ،وما تناكر منها اختلف ) .وفي الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا ظهر القول وخزن العمل ،وائتلفت الألسنة وتباغضت القلوب ،وقطع كل ذي رحم رحمه ،فعند ذلك لعنهم الله وأصمهم وأعمى أبصارهم ) .أخرجه الإمام أحمد ،والأحاديث في هذا كثيرة ،والله أعلم6 .