المفردات:
قمتم إلى الصلاة: أردتم القيام إليها وأنتم محدثون .
المرافق: جمع مرفق ؛وهو ما يصل الذراع في العضد .
الكعبين: العظمين الناتئين من الجانبين .عند مفصل الساق والقدم .
الغائط: المنخفض الواسع من الأرض .وهو هنا ؛كناية عن قضاء الحاجة .
لامستم الناس: كناية عن الاتصال الجنسي ،أو مطلق المباشرة .
صعيدا: الصعيد: وجه الأرض البارز .
طيبا: طاهرا .
التفسير:
6-يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ ... الآية .
تأتي هذه الآية في سلسة الحديث عن الطيبات ،فقد أحل الطيبات من الزوجات ومن الطعام .وهنا حديث عن طيبات الروح وهي: الوضوء والتيمم ؛فالوضوء نظافة للجسد ،وطهارة للجسد والروح ، وروى مالك وأحمد ومسلم وابن جرير عن أبي هريرة رضي الله عنه ،أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا توضأ العبد المسلم فغسل وجهه ، خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينه مع الماء ،فإذا غسل يديه خرج من يديه كل خطيئة بطشتها يداه مع الماء ،فإذا غسل رجليه ،خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء ،حتى يخرج نقيا من الذنوب .{[183]}
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ ...يأيها الذين آمنوا إذا أردتم القيام إلى الصلاة وانتم محدثون فتوضأوا بغسل وجوهكم ،والوجه معروف ،وحده طولا من منبت الشعر المعتاد إلى أسفل الذقن ،وحده عرضا ما بين شحمتي الأذنين ،ولا عبرة بالصلع أو غيره .
وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ .أي: اغسلوا الوجوه والأيدي مع المرافق .
وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ .وأرجلكم .بالنصب عطفا على وجوهكم ،داخلا معها في حكم الغسل فواجب الرجلين هو الغسل عند الأكثرين .
والمعنى: امسحوا رءوسكم واغسلوا أرجلكم إلى الكعبين معهما .
قال الزمخشري: وفائدة المجيء بالغاية إلى الكعبين .لدفع ظن من يحسبها ممسوحة ؛لان المسح لم تضرب له غاية في الشريعة ،وفي الحديث"ويل للأعقاب من النار "{[184]} وفي قراءة وأرجلكم بالجر ، عطفا على رءوسكم .ولا يفيد ذلك أن الواجب في الرجلين هو المسح ،بل للإيذان بأنه لا ينبغي الإسراف في غسلهما ، والمسح هنا محمول على الغسل كما صرح به كثير من أهل اللغة .
يقال للرجل إذا توضأ: تمسح ،ويقال: مسح المطر الأرض: إذا غسلها .
ويرى الشيعة الأمامية: أن الواجب في الرجلين هو المسح ، أخذا من قراءة الجر .
وأوجب داود الظاهري: الجمع بين المسح والغسل فيهما ؛مراعاة للقراءتين .
والأرجح هو رأي جمهور الفقهاء .
والمذكور في الآية من فرائض الوضوء: غسل الوجه ،وغسل اليدين مع المرفقين ،ومسح الرأس ،وغسل الرجلين إلى الكعبين .
على خلاف بين الفقهاء في المقدار الممسوح من الرأس ،فيرى المالكية والحنابلة أن المراد: مسح جميع الرأس ،ويرى الحنفية أن المراد: ربع الرأس من أي جانب ،فيري الشافعية أن المراد بمسح الرأس: البعض ولو شعرة .
وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ .أي: إن كنتم في حالة جنابة بمخالطة أو احتلام أو غيره ،فلا بد من أن تتطهروا بالغسل ،وهو تعميم الجسد كله بالماء ،وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ .أي: وإن كنتم مرضى ويضركم الماء أو كنتم مسافرين ولم تجدوا الماء ،ومن العلماء من أباح التيمم للمريض والمسافر مطلقا ،ورأى أن التيمم رخصة من الله للمريض ،ورخصة للمسافر سواء قدر على استخدام الماء أم لا ،وقد بسط هذا القول الشيخ محمد عبده ،والسيد رشيد رضا في تفسير المنار .
أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ .أى:أتى من مكان البراز .أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء .أي: جامعتموهن .
فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا .أي: ولم تجدوا الماء مع طلبه فاقصدوا التراب الطاهر للتيمم به .
فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ .هو أن يمسح وجهه بيديه: بضربتين يضربهما على الصعيد ،إحداهما للوجه ،والثانية لليدين .
ويكفيه هذا التيمم عن كل من الطهارتين ،أو مجموعهما حتى يجد الماء أو يقدر على استعماله بزوال عذره .
وهو تيمم لكل فريضة مع نوافلها ،أو يصلي به ما شاء من فرائض ونوافل ؟خلاف بين الفقهاء .
مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ .أي: ما يريد الله بما فرض عليكم من الوضوء والغسل والتيمم تضييقا عليكم أو تكليفكم بما يشق عليكم .
وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ .ولكن يريد بما شرعه لكم منها أن يطهركم من الأدناس والأقذار ،والذنوب و الأوزار ؛لأن الوضوء والغسل فيهما نظافة للجسم ،وطهارة من الذنوب والخطايا .
وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ .ببيان شرائع الإسلام ،في الوضوء والغسل والتيمم .
لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ .ولكي تشكروه دائما على نعمه ،بطاعتكم إياه فيما أمركم به .