/م23
التفسير:
30-{يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد} .
تأتي جهنم يوم القيامة تتلمظ غيظا وغضبا على من عصى الله تعالى ،ويوضع فيها الكفار والعصاة ،وكلما وضع فيها اتسعت وطلبت الزيادة من العصاة ،غيظا عليهم ،وتضييقا للمكان عليهم ،حتى يضع عليها رحمته ،فتقول: كفاني كفاني ،فقد امتلأت .
وعلى هذا يكون الاستفهام الأول للتقرير ،فالله يقررها بأنها امتلأت ،أي يجعلها تقر بذلك ،واستفهام جهنم:{هل من مزيد} .للنفي ،بمعنى: هل بقي في مزيد ؟أي لا أسع غير ذلك ،وهو جواب الاستفهام الأول .
وتحتمل الآية معنى ثانيا وهو أنها تطلب الزيادة على من قد صار فيها ،وأنها لا تشبع من الكفار .
قال الزمخشري في تفسير الكشاف:
قال أهل المعاني:
سؤال جهنم وجوابها من باب التخييل والتصوير ،الذي يقصد به تقرير وتصوير المعنى في النفس وتثبيته ،وفيه معنيان:
أحدهما: أنها تمتلئ مع اتساعها ،حتى لا يزاد عليها شيء .
الثاني: أنها من السعة حيث يدخلها من يدخلها ،وفيها مواضع للمزيد .اه .
وقال الشوكاني: وهذا الكلام على طريقة التخييل والتمثيل ،ولا سؤال ولا جواب ،كذا قيل .والأولى أنه على طريقة التحقيق ،ولا يمنع من ذلك عقل ولا شرع .اه .
وقال الواحدي: أراها الله تصديق قوله تعالى:
{لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين} .( هود: 119 ) .
فلما امتلأت ،قال لها:{هل امتلأت} ؟وتقول هي:{هل من مزيد} ؟
أي: قد امتلأت ولم يبق فيّ موضع لم يمتلئ .
أحاديث البخاري ومسلم
أخرج البخاري ،عن أنس بن مالك رضي الله عنه ،عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( يلقي في النار ،وتقول:{هل من مزيد} ؟حتى يضع قدمه فيها: فتقول قط قط ،أي: كفى كفى ) .
وفي رواية قطني قطني ،أي: كفاني كفاني11 .
وأخرج مسلم في صحيحه ،عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( احتجت الجنة والنار ،فقالت النار: في الجبارون والمتكبرون ،وقالت الجنة: في ضعفاء الناس ومساكينهم ،فقضي بينهما ،فقال للجنة: إنما أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي ،وقال للنار: إنما أنت عذابي أعذب بك من أشاء من عبادي ،ولكل واحدة منكما ملؤها )12 .