/م5
المفردات:
ملاقيكم: موافيكم ومقابل لكم حيثما كنتم .
التفسير:
8-{قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} .
قل لهم يا محمد: إن الموت الذي تفرون منه ،وتخافون من مجرد تمنّيه حتى بلسانكم ،آتيكم لا محالة ،ولا ينفعكم الفرار منه ،ولن تفلتوا من قبضته .
وهذا كقوله تعالى:{أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة ...}( النساء: 78 ) .فهو قدر محتوم ،ولا يغني حذر عن قدر .
{ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ...}
ثم ترجعون إلى الله تعالى ،العالم بالظاهر والباطن ،المطّلع على النوايا والخفايا ،وعلى ما غاب عن الحسّ وما شهده الحس .
{فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} .
فيخبركم بأعمالكم ،ويجازيكم عليها .
وفي هذا المعنى يقول الله تعالى في سورة البقرة:{قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين*ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم والله عليم بالظالمين} .( البقرة: 94-95 ) .
وهذا من إعجاز القرآن والسنة النبوية ،فإنهم كانوا يستطيعون أن يقولوا تحديا للقرآن: نتمنى الموت ،ولو تمنّوه لماتوا ،كما ثبت في السنة الصحيحة ،ولو ثبت المطالبون بالمباهلة من النصارى – أي الدعاء بنزول لعنة الله على الكاذب من الفريقين – لنزل الهلاك بهم .
وقد جاء في سورة آل عمران:{فمن حاجّك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين} .( آل عمران: 61 ) .
أخرج الإمام أحمد ،والبخاري ،والترمذي ،والنسائي ،عن ابن عباس قال: قال أبو جهل لعنه الله ،إن رأيتُ محمدا عند الكعبة لآتينّه حتى أطأ على عنقه ،قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لو فعل لأخذته الملائكة عيانا ،ولو أن اليهود تمنّوا الموت لماتوا ورأوا مقاعدهم من النار ،ولو خرج الذين يباهلون رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجعوا لا يجدون أهلا ولا مالا "viii .