وأملي لهم: أمهلهم وأطيل لهم المدة ،يقال: أملى الله له ،أي: أطال له الملاوة ،وهي المدة من الزمن .
كيدي متين: تدبيري قويّ ،لا يفلت منه أحد .
40- وأملي لهم إنّ كيدي متين .
أي: أمهملهم ولا أباغتهم جهرا ،بتأخير العذاب عنهم ،وأمنحهم كثيرا من النعم ليزدادوا إثما ،وهم يحسبون أن ذلك لإرادة الخير بهم .
إنّ كيدي كتين .
إن تدبيري وعذابي لقويّ شديد ،لا يدفع بشيء ،فلا يفوتني أحد ولا يعجزني .
وأفاد صاحب الظلال ما يأتي:
إن المعركة بين الله وبين هؤلاء الظالمين المعتدين ،والرّسل والهداة سبب ظاهريّ ،أما المسبب الحقيقي فهو الله ،ولا يغلب الله غالب ،وهذا إنذار رهيب للإنسان المسكين الذي يمثّل نملة صغيرة أمام قدرة الله القادرة ،إن هذه القدرة كانت وراء الرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه في مكة ،وكانت أيضا وراءهم في المدينة حين أصبحت لهم دولة وقوة ،فقال تعالى لهم: فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى ...( الأنفال: 17 ) .
من كلام المفسرين
ورد هذا المعنى في كتاب الله تعالى في نحو قوله سبحانه: أيحسبون أنّما نمدّهم به من مال وبنين* نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون .( المؤمنون: 55 ،56 ) .
وقوله تعالى: فلما نسوا ما ذكّروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون .( الأنعام: 44 ) .
وأملي لهم إن كيدي متين .
أي: أؤخرهم وأنسئ في آجالهم ملاوة من الزمان على كفرهم وتمرّدهم عليّ ،لتتكامل حججي عليهم ،وإن كيدي لأهل الكفر لقوي شديدxiv .
وفي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الله تعالى ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ،ثم قرأ: وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديدxv .( هود: 102 ) .