/م38
تنزيل من رب العالمين .
أي أن القرآن تنزيل من عند الله تعالى ،وهو حي السماء .
قال تعالى: بل هو قرآن مجيد* في لوح محفوظ .( البروج: 21 ،22 ) .
وقد انتقل القرآن الكريم من رب العزة جلّ جلاله إلى اللوح المحفوظ ،ونزل به جبرائيل الأمين على النبي صلى الله عليه وسلم ،وتلقاه النبي صلى الله عليه وسلم عن جبريل الأمين ،وتلقته الأمة عن النبي صلى الله عليه وسلم ،وقد أضيف القرآن الكريم إلى جبريل على أنه المبلّغ به عن الله ،مثل قوله تعالى: وإنه لتنزيل رب العالمين* نزل به الروح الأمين* على قلبك لتكون من المنذرين .( الشعراء: 192 -194 ) .
ومثل قوله تعالى: إنه لقول رسول كريم .حيث أضاف القرآن إلى النبي صلى الله عليه وسلم على أنه المتلقي عن جبريل ،وقال بعض المفسرين: المراد بالرسول الكريم هو جبريل عليه السلام .
فالقرآن الكريم ليس شعرا وليس كهانة ،وليس من عمل البشر وصنعهم ،والعرب كانت تعرف ذلك ،وتعرف أن القرآن فوق مستوى طاقة البشر ،وليس قولهم: شاعر أو كاهن ،إلا مشاغبة من المشركين للفت الأنظار عن القرآن الكريم ،ولذلك أجاب الله تعالى بقوله:
تنزيل من رب العالمين .
أي: هو وحي السماء ،أنزل الله رب العالمين على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم .
قال عمر بن الخطاب: خرجت أتعرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن أسلم ،فوجدته قد سبقني إلى المسجد ،فقمت خلفه ،فاستفتح سورة الحاقّة ،فجعلت أعجب من تأليف القرآن ،فقلت: هذا والله شاعر كما قالت قريش ،فقرأ: إنه لقول رسول كريم* وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون .فقلت: كاهن ،فقرأ: ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون* تنزيل من رب العالمين .إلى آخر السورة ،فوقع الإسلام في قلبي كل موقع ،فهذا من جملة الأسباب التي جعلها الله مؤثرة في هداية عمر بن الخطاب رضي الله عنهxi .