/م23
13- يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعدّ لهم عذابا أليما .
فهو سبحانه حكيم منزه عن الظلم ،فمن رأى في قلبه الرغبة في الهدى والإيمان ،والطمع في المغفرة ،والرجاء في الرحمة ،يسّر له ذلك وأعانه عليه ،ومن ظلم نفسه بالمعاصي ،وأعرض عن طاعة الله سلب عنه الهدى ،وأعدّ له عذابا أليما في الآخرة .
وفي الحديث الشريف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه ذات يوم: ( هؤلاء أسماء أصحاب الجنة ،بأسمائهم وأسماء آبائهم وأمهاتهم ،لا يزيدون ولا ينقصون ،وهؤلاء أسماء أصحاب النار ،بأسمائهم وأسماء آبائهم وأمهاتهم ،لا يزيدون ولا ينقصون ) .قال الصحابة: أفلا نتكل على ذلك يا رسول الله ؟قال: ( لا ،اعلموا فكل ميسر لما خلق له .إن الله عز وجل يقول: فأما من أعطى واتقى* وصدّق بالحسنى* فسنيسره لليسرى* وأما من بخل واستغنى* وكذّب بالحسنى* فسنيسره للعسرىviii .( الليل: 5-10 ) .
قال ابن كثير:
إن الله كان عليما حكيما .
أي: عليم بمن يستحق الهداية فييسرها له ،ويقيّض له أسبابها ،ومن يستحق الغواية فيصرفه عن الهدى ،وله الحكمة البالغة ،والحجة الدامغة ،ولهذا قال: إن الله كان عليما حكيما .
ثم قال: يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذابا أليما .
أي: يهدي من يشاء ويضلّ من يشاء ،فمن يهده فلا مضل له ،ومن يضلل فلا هادي لهix .
i تفسير النيسابوري بهامش تفسير الطبري 29/109 .
ii تفسير المراغي ،للأستاذ أحمد مصطفى المراغي 29/164 ،وانظر تفسير النسفي 4/238 .
iii تفسير المراغي 29/166
iv تفسير النسفي 4/238 .
v تفسير الطبري 29/137 .
vi مختصر تفسير ابن كثير ،تحقيق محمد علي الصابوني ،المجلد الثالث ص584 .
vii إنما الأعمال بالنيات:
رواه البخاري ( 1 ،6689 ،6953 ) ومسلم في كتاب الإمارة ( 3530 ) ،والترمذي في كتاب فضائل الجهاد ( 1571 ) والنسائي في كتاب الطهارة ( 74 ) وفي الطلاق ( 3383 ) وفي الأيمان والنذور ( 3734 ) ،وأبو داود في كتاب الطلاق ( 1882 ) ،وابن ماجة في كتاب الزهد ( 4217 ) وأحمد في مسنده ( 163 ،283 ) من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المنبر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إنما الأعمال بالنيات ،وإنما لكل امرئ ما نوى ،فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه ) .
viii اعملوا فكل ميسر لما خلق له:
تقدم تخريجه ،انظر هامش ( 64 ) .
ix مختصر تفسير ابن كثير ،تحقيق محمد علي الصابوني ،المجلد الثالث ص585 .