/م23
12- وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما .
لا يستطيع أحد أن يهدي نفسه ،ولا يدخل في للإيمان ،ولا يجرّ لنفسه نفعا ،أو يدفع عنها ضررا ،إلا بتوفيق الله ومشيئته .
وهذه الآيات في القرآن الكريم تفهم من خلال ما ورد من آيات كثيرة حول ذلك الموضوع: ذلك أن الله تعالى خلق الإنسان ،وأعطاه العقل والإرادة والاختيار ،وهداه النجدين ،وبيّن له الطريقين ،طريق الهدى وطريق الضلال ،وأرسل له الرسل ،وأنزل له الكتب ،فإذا تدبّر الإنسان وتأمل ،وسار خطوات في استخدام العقل والرأي ،والتدبر والتأمل ،منحه الله الرضا والتوفيق ،ويسّر له الهدى ،والرشاد ،وإذا أحجم الإنسان عن استخدام عقله ،وصمّم على السير في طريق الغواية والسير وراء شهوته ونزواته ،وأطاع الشيطان ،وأعرض عن ذكر الرحمان ،سلب الله عنه الهدى والتوفيق .
قال الإمام محمد عبده:
للعبد إرادة واختيار ،ولله تعالى إرادة عليا وحكمة وتدبير ،والجمع بين إرادة العبد وإرادة الله تعالى تحتاج إلى شيء من الانحناء والتسليم .
وقال المراغي في تفسيره ما يأتي:
وما تشاءون إلا أن يشاء الله ...
أي: وما تشاءون اتخاذ السبيل الموصلة إلى النجاة ،ولا تقدرون على تحصيلها إلا إذا وفّقكم الله لاكتسابها ،وأعدّكم لنيلها ،إذ لا دخل لمشيئة العبد إلا في الكسب ،أما التأثير والخلق فلمشيئة الله عز وجل ،فمشيئة العبد وحدها لا تأتي بخير ولا تدفع شرا ،وإن كان يثاب على المشيئة الصالحة ،ويؤجر على قصد الخير ،كما في الحديث: ( إنما الأعمال بالنيات ،وإنما لكل امرئ ما نوى )vii .
إن الله كان عليما حكيما .
أي: إن الله عليم بمن يستحق الهداية فييسرها له ،ويقيض له أسبابها ،ومن هو أهل للغواية ،فيصرفه عن الهدى ،وله الحكمة البالغة والحجة الدامعة .اه .