المفردات:
فتنوا: ابتلوا وامتحنوا .
عذاب الحريق: هو عذاب جهنم ،ذكر تفسيرا وبيانا له .
التفسير:
10- إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق .
الفتنة والفتن: الاختبار والامتحان ،تقول: فتنت الذهب بالنار ،أي: اختبرته لأعلم جيده من رديئه .
والمراد هنا: عذبوا المؤمنين والمؤمنات بألوان العذاب ،والآية تشمل أصحاب الأخدود شمولا أوليّا ،وتشمل أهل مكة الذي فتنوا المؤمنين بمكة ،وتشمل كل من فتن مؤمنا وعذّبه ولم يتب إلى الله تعالى إلى يوم القيامة .وأنا أكتب هذه السطور تطالعنا الصحف بأن أحد جنرالات فرنسا كتب في مذكّراته عن حرب الجزائر أنه تلقى تعليمات بتعذيب فدائيين جزائريين في زنزانات منفردة حتى يعترفوا على زملائهم ،وأن أبطال الجزائر كانوا يموتون تحت العذاب دون أن يعترفوا على زملائهم ،ونشرت هذه الاعترافات في فرنسا وفيها أن آلافا من المحاربين ماتوا في الزنزانات تحت العذاب .
وخلاصة معنى الآية:
إن الذين عذّبوا المؤمنين والمؤمنات وفتنوهم في دينهم ،طالبين رجوعهم عن الحق إلى الكفر ،ثم لم يتوبوا إلى الله بالندم والإقلاع والرجوع إلى الله ،فلهم عذاب جهنم ،وما فيه من حميم وغسّاق ،ونار مستعرة أوقدها الجبار سبحانه ،ونار الدنيا جزء من سبعين جزءا من نار الآخرة .
ولما كان أصحاب الأخدود قد أحرقوا المؤمنين في نار الأخدود ،نصّ على أن هؤلاء القساة الغلاظ المعتدين ينتظرهم عذاب جهنم .
ولهم عذاب الحريق .أي: كما حرّقوا المؤمنين بنار الدنيا ،فسيحترقون هم بنار الآخرة ،لكن شتان بين النارين ،ونار الدنيا أوقدها العبيد ،ونار الآخرة أوقدها الخالق المجيد ،فالجزاء من جنس العمل .
قال الحسن البصري:
انظروا إلى هذا الكرم والجود ،قتلوا أولياءه ،وهو يدعوهم إلى التوبة والمغفرة .
وهذا يدل على أن الآية توجيه لأهل مكة ،ولكل كافر أن أقلعوا عن كفركم وظلمكم ،وتوبوا إلى ربكم قبل فوات الأوان .